ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
المنتدى في خدمة جميع الأساتذة و الطلبة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
المنتدى في خدمة جميع الأساتذة و الطلبة
ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

درس الحقيقة

اذهب الى الأسفل

درس الحقيقة Empty درس الحقيقة

مُساهمة من طرف Salah 21/6/2011, 12:52



تقديم.
تبدو الحقيقة واحدة بوصفها غاية المعرفة، غير أنها ذات أوجه متعددة. فهي إما عملية أو حدسية أو حسية. و هذا التو ثر بين وحدة مفهوم الحقيقة و تعدد أوجهها، يجعل من الضروري تحديد وسائل التمييز بين الصدق و الكذب. حتى تستجيب الحقيقة لمطلبي الكونية و الضرورة. إن الاعتماد على معايير للحكم يطرح مشكلة طبيعة الحقيقة. فهل الحقيقة معطاة أم يتم بناؤها؟ ما علاقة الحقيقة بالرأي؟ هل الحقيقة مطلقة أم نسبية؟ لماذا نرغب في الحقيقة و نبحث عنها؟ ما معيار الحقيقة، ما قيمتها و ما غايتها؟

I- الرأي و الحقيقة.
إشكال المحور: هل الرأي يعارض الحقيقة أم يتوافق معها؟
ما أوجه العلاقة بين الرأي و الحقيقة؟

1)أطروحة ليبنتس.
يؤكد الألماني ليبنتس أن الرأي معرفة ذات طبيعة احتمالية. و بذلك فهو لا يتعارض مع المعرفة البرهانية و الحقيقة. لأنه حينما نعجز عن الحسم في قضية ما بشكل قطعي، فإننا نلجأ إلى تحديد درجة الاحتمال لكي نصدر الحكم بطريقة عقلانية. و بذلك فإننا نكون في مجال الآراء. فالبحث في درجات الاحتمال هو ما تفتقر إليه الدراسات المنطقية العلمية.

2)أطروحة إيمانويل كانط.
يرى كانط أن الاعتقاد، أو لنقل القيمة الذاتية للحكم في علاقته باليقين، يتوفر على ثلاث درجات: الرأي- الإيمان- المعرفة. فإذا كان الرأي هو اعتقاد يعي بأنه غير كاف ذاتيا و موضوعيا، فإنه ينبني على معرفة تتأسس بدورها على حكم يربطه بالحقيقة. و عليه فإن مبدأ الارتباط هنا يقتضي شرطي الكونية و الضرورة.
فحسب كانط "إنني أقدم رأيي، و هذا الرأي هو اعتقاد يقودني إلى الحقيقة."
و إجمالا فالرأي –بالنسبة لكانط- يعتبر درجة من درجات المعرفة (الحقيقة)، لكن لا مجال له بخصوص الأحكام التي تصدر عن العقل الخالص و عن العقل الأخلاقي.

3)أطروحة الفارابي.
يحدد أبو نصر محمد الفارابي الرأي أو بادئ الرأي بأنه كل المعارف العامية المشتركة بين عامة الناس. و التي تعتمد على الأقاويل الجدلية، الخطابية أو الشعرية. و هي أنواع من القياس ( الاستدلال) يحصل بها الظن أو الاقتناع، بالاعتماد على مقدمات بلاغية أو تخيلية. بخلاف المعرفة اليقينية التي تعتمد على البرهان(مقدمات يقينية تفضي إلى نتائج يقينية). و هكذا يتبين أن الفارابي يقر بأن بادئ الرأي يتعارض مع الحقيقة، فهو يعني عامة الناس ، أما المعرفة اليقينية أو الحقيقة البرهانية فهي تعني خاصة الناس( الفلاسفة).

4)أطروحة غاستون باشلار.
يِِؤكد باشلار على ضرورة انفصال الحقيقة عن الرأي. فهو يقول:" و بادئ الرأي مخطئ من حيث المبدأ دائما، إنه يفكر تفكيرا سيئا، بل إنه لا يفكر، و إنما يترجم حاجات إلى معارف". و من هذا المنطلق، يميز باشلار بين الرأي الذي لا يمكن اعتباره معرفة.
و الحقيقة التي تعتبر المعرفة الحقيقية. فالرأي حسب باشلار و إن بدا مفيدا للحياة العملية، فإنه لا يفيد في بناء معرفة دقيقة، مؤسسة و متماسكة عن الواقع. فهو نتيجة لتجربة متراكمة و مختلطة. يمكن أن تحتوي بدون وعي، أخطاء، أوهاما و تناقضات،
و أحكتما مسبقة تشوه الواقع. و تحول دون معرفته على حقيقته، أي بشكل علمي
و موضوعي.

II- معايير الحقيقة.
إشكال المحور: ما معيار الحقيقة؟
هل هو مطابقة الفكر لمبادئه، أم مطابقة الفكر للواقع، أم هما معا؟

1)أطروحة ليبنتس.
من منظور نقدي يرفض ليبنتس التصور الديكارتي الذي يركز على اعتبار معياري الوضوح و التميز(البداهة) يمثلان أساسا لمعيار الحقيقة. و يطرح كبديل أن الحقيقة يجب أن ترتكز على المنطق و البرهان في مرحلة أولى و في مرحلة ثانية تعتمد على درجة الاحتمال. للتمكن من الفصل بين ما هو حقيقي و ما هو غير حقيقين بين الصواب و الخطإ. و بلغة المنطق بين الصدق و الكذب. فمعيار الحقيقة حسب ليبنتس (و من خلاله الاتجاه العقلاني) هو مطابقة الفكر لمبادئه ( المنطق و البرهان).

2)أطروحة كانط.
يعتبر كانط أن البحث عن المعيار الكوني للحقيقة يستدعي طرح السؤال: هل المعيار من طبيعة مادية أم طبيعة صورية؟
يرفض كانط وجود معيار كوني مادي. و ذلك بالنظر إلى اختلاف الموضوعات ذات الطابع التجريبي. بينما يقبل بوجود معيار كوني صوري. لأن الحقيقة الصورية تكمن في مطابقة المعرفة لذاتها. كالمعرفة الرياضية التي تشكل نموذجا لهذه المطابقة بين المعرفة و ذاتها. لأنها تمثل معايير منطقية و كونية تنسجم مع قوانين الفهم و العقل. و رغم كون معيار الحقيقة في معرفتنا في معرفتنا بالمواضيع المادية غير كوني، فإنه يميز في هذه المعرفة بين مستويين: مستوى الظاهر (الفينومين) و هو ما يبدو للحس من موضوعات و يمكننا معرفته. و مستوى الشيء في ذاته (النومين) و هو ما لا يبدو للحس من موضوعات و ما لا نستطيع معرفته أبدا.
فحسب الاتجاه النقدي (كانط) يمكن اعتماد معيار للحقيقة في مجال المعرفة العلمية بالموضوعات المادية، من خلال مطابقة الفكر لمبادئه و للواقع. حيث أن معرفتنا بالمواضيع المادية نسبية (ليست كونية) محدودة لا تتعدى الفينومين.

3)أطروحة فيتجنشتاين.
يعتبر الفيلسوف و عالم المنطق النمساوي فيتجنشتاين أن معيار الحقيقة من منظور الفلسفة التحليلية، هو مقارنة المعارف و الأفكار بالتجارب و الوقائع. و قدم لنا مجموعة من الأمثلة، أبرز عبرها أن الشك يأتي بعد الاعتقاد. و أن آلية التعلم تؤدي إلى الاهتداء إلى اليقين. و من تم معيار التحقق من معرفة ما هو أساسا التجربة. و إجمالا، فمعيار الحقيقة بالنسبة للاتجاه التجريبي هو مطابقة الفكر للواقع. أي للوقائع التجريبية.

III- الحقيقة بوصفها قيمة.
إشكال المحور: هل الحقيقة قيمة معرفية أم أخلاقية، ؟
هل هي نفعية بالنسبة للإنسان أم أنها قيمة وجودية مرتبطة بالحياة و المعنى و الحرية؟

1)أطروحة وليام جيمس.
يُعتبر وليام جيمس الفيلسوف الأمريكي، من رواد المذهب البرجماتي (النفعي).
هذا المذهب الذي يقر بأن قيمة الحقيقة تتجلى في القدرة على استيعابها و المصادقة على صحتها، و تعزيزها بالانخراط فيها. و أخيرا التحقق منها. إن الحقيقة لا يمكن أن تكون لها قيمة إلا إذا كانت ناجعة و قابلة للتحقق الذاتي من خلال أعمال و وقائع تثبت مصداقيتها.

2)أطروحة كيركيجارد.
يعتبر الفيلسوف الدنماركي كيركيجارد أن قيمة الحقيقة قبل أن تكون مجرد معرفة ليست قضية منطقية أو معرفية. بل لها قيمة أخلاقية. بمعنى أنها ليست خارج الوجود الإنساني، بل هي من صميم هذا الوجود. و قد استلهم كيركيجارد التجربة السقراطية باعتبارها تجربة وجودية تسعى إلى الوصول إلى الحقيقة اعتمادا على الطريقة الحوارية. ذلك "أن الحوار التوليدي هو العلاقة السامية بين الإنسان و الإنسان". فالتجربة السقراطية لم تكن فقط دفاعا عن قضية الإنسان و لكنها دفاع عن الأخلاق. و من تم فإن قيمة الحقيقة قيمة أخلاقية.

3)أطروحة نيتشه.
من منظور مغاير و بروح نقدية، يعتبر نيتشه أن قيمة الحقيقة يجب البحث عنها في أصلها و غايتها. فالحقيقة ليست إلا مجموعة من الأوهام ابتدعها الإنسان لكي يحافظ على بقائه. ذلك أن كل ما هو طيب و خير، و كل ما هو جميل و فضيل مصدره وهم. و قد استغل الإنسان اللغة باستعاراتها و تشبيهاتها من أجل أن يضفي طابعا مزيفا على الحقيقة. و في كلمة واحدة فإن الحقيقة وهم منسي حسب نيتشه.
Salah
Salah
مدير المنتدى
مدير المنتدى

ذكر

عدد المساهمات : 496
تاريخ التسجيل : 17/08/2009
العمر : 69

http://afaqbouz.societyforum.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

درس الحقيقة Empty رد: درس الحقيقة

مُساهمة من طرف Salah 21/6/2011, 12:57

هل يجب إخضاع كل حقيقة للبرهنة؟

عندما نقبل بفكرة ما على أنها فكرة حقيقية، فنحن نخضعها للفحص عن طريق الاحتكام للعقل و البرهنة الاستدلالية، و هو ما قد يوحي أن معرفة ما تكون حقيقية إلا إذا كان مبرهن عليها. بالرغم من هذا يبدو أن البرهنة وحدها غير كافية، بحيث نطالب بحجج تستمد من الواقع المادي المحسوس ، بحيث يمكن أن نفحص معارفنا بالاحتكام إلى التجربة لمعرفة ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة. مما يعني أن اعتماد العقل وحده غير كاف لتشييد الحقيقة. و في هذه الحالة فالبرهنة ليست فقط غير كافية بل قد تصبح نوعا من الترف، لأن البرهان لا يسمح لنا بإدراك الحقيقة أو الخطأ.

بنوع من الاطلاقية هل يمكننا القول أن كل حقيقة يجب أن تكون قابلة للبرهنة؟ ألا يمكننا القول بضرورة التمييز بين أنواع الحقيقة، بعضها قابل للبرهنة و بعضها الآخر لا يقبل الخضوع للبرهنة؟ كما يمكننا أن نتساءل ألا يمكن للعقل أن يلجأ إلى طرق أخرى لكي نعرف هل معرفة ما معرفة حقيقية أم خاطئة؟ ألا يقودنا الأمر إلى حد افتراض إمكانية الاستغناء عن البرهنة؟ لكي نطرح سؤالا حاسما هل للبرهنة مصداقية للحكم على الحقيقة؟ ألا يمكن الاستناد إلى خصائص أخرى تكون أكثر صلابة من البرهنة في إثبات الحقيقة؟

1) كل حقيقة لا يمكن البرهنة عليها و بعض الحقائق لا يبرهن عليها.
ا) تعريف ما يمكن أن يكون حقيقيا أو خاطئا.
ضرورة التمييز بين الحقيقي و الواقعي: أشياء الواقع لا نقول عنها حقيقة أو خطأ. فخطابنا وأحكامنا المعرفية التي نصدرها على الواقع هي التي يمكن أن تكون صحيحة أو خاطئة. ونعني بالخطاب الذي ننتجه هو أنه عبارة عن مجموعة من الجمل (القضايا) و ليس فقط سلسلة من الكلمات الغير المنتجة للمعرفة مثل العبارات الاستفهامية، التعجبية ... إلخ. مثلا إذا قلنا (إذا ما أضفنا 2 إلى 2 فالنتيجة 4 ) فهي قضية قابلة لأن تكون صحيحة أو خاطئة، نفس الأمر حين أقول " هذه الشجرة مكسوة بالأوراق" . و هي ليست قولي " هذه الشجرة أه لو كنت غنيا"
فالخطاب الحقيقي يتسم بخصائص عدة: من جهة الانسجام الدلالي (صياغة صحيحة) و من جهة أخرى أن يكون حاملا لمعنى بالنسبة لعقولنا. فقولنا :" الفيلة تكذب" هي جملة صحيحة من حيث الصياغة اللغوية و لكنها لا معنى لها لأنها غير قابلة للتحقق.

ب‌) الحقيقة العقلية والحقيقة التجريبية.
يمكن الإقرار بحقيقة ما قبل التحقق التجريبي عن طريق العقل، مثلما يحدث في الحقيقة الرياضية ، لكن الحقيقة لا يمكن التأكد منها إلا بعد إقامة التجربة أي الحقيقة البعدية ، كما هو الأمر بالنسبة لقوانين الفيزياء ، المعادلات الكيميائية، الوقائع التاريخية، الإحصائيات الاجتماعية... إلخ. لهذا نتكلم عادة عن حقيقة عقلية في الحالة الأولى(ليبنز) وحقيقة واقعية (مادية)في الحالة الثانية(دفيد هيوم). والتي اجتهد كانط للتركيب بينهما
فالبرهنة العقلية لا تكفي وحدها لإثبات كل حقيقة، لأنها عملية عقلية خالصة لا يمكن التحقق منها عبر التجربة. وإن كان كل علم أو خطاب لا يمكن فهمه إلا باستعمال العقل، فالعقل ليس مستقل عن صيرورة بناء المعرفة إلا في مجال المنطق و الرياضيات.
و الحقائق الواقعية(المادية ) لا يمكن التحقق من صحتها باعتماد البرهنة العقلية لأنها تستند على التجربة، كما يجب استبعاد الخطابة التي تعتمد الأساليب البلاغية و تنطلق من الحس العام (المشهور لدى الجمهور) باعتماد الحجج. فالحقائق العقلية وحدها قابلة للبرهنة.

ج‌) إن كانت كل حقيقة تستدعي شرط البرهنة عليها فليست هناك حقيقة قابلة للبرهنة .
ذلك أن الرياضيات التي تعتبر نموذجا للعلم الذي يستخدم أعلى درجات البرهنة فهي تعتمد على معطيات (مسلمات) لا يمكن البرهنة عليها، ذلك أننا لو أردنا أن نخضع كل الأفكار التي يمكن الإنطلاق منها للبرهنة فإننا لن نتوقف بالرغم من النزول إلى المبادئ الأولية دون أن نؤكد أن هناك حقيقة أولى تعتبر منطلقات ومقدمات.
إذن إذا كنا نسعى إلى أن نخضع كل حقيقة للبرهنة فذلك لأننا لا نتوفر على مبدأ يسمح بالبرهنة على القضايا القابلة للبرهنة.
مثلا : يقر باسكال في روح الهندسة و فن الإقناع persuader بكل تأكيد فهذه الطريقة جيدة (التي تقضي بإخضاع كل معارفنا للبرهنة) ، ولكنها مستحيلة، فمن البديهي أن القضايا التي نحاول البرهنة عليها تقتضي قضايا أخرى تستند عليها، بحيث من الواضح أننا لن نصل أبدا إلى المبادئ الأولى، فكلما عمقنا البحث أكثر فأكثر، فإننا سنصل بالضرورة(...) إلى مبادئ و اضحة لن نجد ما يمكن أن يوظف كبرهان عليها."
انتقال /طفرة
لا يمكن إخضاع كل حقيقة للبرهنة، لأنه هناك حقائق الواقع، بل حتى ما نسميه حقيقة عقلية للفكر الإنساني فهو في حاجة إلى التوقف على حقائق غير قابلة للبرهنة، لكن كيف نتعرف على أنها حقائق؟ و إذا كانت كل حقيقة غير قابلة للبرهنة فما الذي يجعلني أفكر فيها باعتبارها حقيقة؟

2) البرهنة ليست الطريق الوحيد المؤدي إلى الحقيقة.
ا) البرهان بالخلف
إذا كان البرهان المباشر لا يسمح بتأكيد حقيقة المقدمات والمصادرات و الأكسيومات في مجال الرياضيات، لأنه مستحيل، فقد تم اعتماد طريق مخالف أي البرهان على خطإ أي مقدمة مخالفة لإثبات صدق المقدمة المنطلق منها و هو ما يسمى "البرهان بالخلف". و هي المنهجية ذاتها التي تستعمل من طرف الفلاسفة من أجل جعل المحاور يذعن للفرضية التي لا يمكن فحصها مباشرة. إذا لم نعتمد هذه الطريقة فنحن مطالبين بدعم الفكرة النقيض و بالتالي قبول النتائج المخالفة.
مثلا في مجال الهندسة الأوقليدية تقول المسلمة الخامسة " من نقطة خارج المستقيم لا يمر إلا مستقيم وحيد مواز له"، ولا يمكن البرهنة على هذه المسلمة ، لكن يمكن أن نفترض مسلمة مخالفة( أنه لا يوجد أي مستقيم مواز لمستقيم معلوم ويمر من نقطة معلومة أو يوجد أكثر من مستقيم يحقق الشرط ) بالخلف. لهذا فالهندسات اللاأوقليدية قد أظهرت أنه بالإمكان الإنطلاق من مسلمات مخالفة، مادمنا ننطلق من حدس فضاء مسطح/المستوى، لهذا قامت محاولة رجل الهندسة المعاصر ريمان على افتراض هندسة دائرية حيث لا يوجد مفهوم المستقيم (فهناك منحنيات دائرية) فهندسته التي أنشأها تميزت بالإنسجام ، ويمكن البرهنة عليها انطلاقا من المسلمات التي اقترحها.
أمام تطور الهندسة اللاأوقليدية فقد البرهان بالخلف فعاليته وجدواه، بل أصبحت النتائج تترتب منطقيا عن الفرضيات المقترحة في البداية، لأهذا ألا يمكننا القول أن المسلمات ليست حقائق لأنه لا يمكن البرهنة عليها؟ و هل يمكننا القول مع بوانكاري في العلم و الفرضية أن الميبادئ التي ينطلق منها الرياضي هي مجرد فرضيات رياضية تمت المواضعة عليها" لا يمكننا القول أن هندسة ما حقيقية بالقياس إلى أخرى بل يمكن القول أنها أكثر ملائمة".

ب ) البداهة الديكارتية
يعتقد ديكارت أن هناك طريقا آخر لبلوغ الحقيقة يختلف عن طريق البرهان: إنها البداهة، لهذا أقام تعارضا بين المعرفة الحدسية و المعرفة الاستدلالية discursif، فحدوسنا تدرك مباشرة و في لحظة واحدة الحقيقة، في حين يحتاج الاستدلال إلى الزمن و الذاكرة.التي تقوم على التمييز بين القضايا البسيطة و القضايا المركبة
بالنسبة لديكارت المبادئ التي لا يمكن البرهنة عليها هي حقيقية، كما هو الأمر مع مبدأ الكوجيطو (الميتافيزيقي). بحيث لا يمكنني البرهنة على أنني أفكر بل هي مسألة بديهية(إذا كنت لا أفكر فلا يمكنني أن أفكر أنني لا أفكر). فالكوجيطو هو الحقيقة الوحيدة الأولى، رغم أنها غير قابلة للبرهنة، ولكننا كذلك لا يمكن رفضها( و لكن يمكنني أن أرفض مسلمات أوقليدس إذا أردت ذلك).
من هذا المنطلق إن المفارقة، لأن مبدأ غير قابل للبرهنة فإنها تعتبر حقيقة أولى، وإذا تمت البرهنة على قضية فمعنى ذالك أنها تستند على مبادئ، لتصبح للبرهنة دورا ثانويا مقارنة بالحدوس الحسية، التي تسبقها وهي شرط لها.
فقد عرف سبينوزا البداهة " الحقيقة تدل على ذاتها كالخطأ" فالحقيقة لا يجب البرهنة عليها بل إنها تكشف عن ذاتها.

3) البرهنة والحدس باعتبارهما طريقين لبلوغ الحقيقة
يمكننا القول مع سبينوزا أن البرهنة هو طريق المعرفة و التي يسميها "الطريق الثانية" و البداهة هي " الطريق الأول" إنه أسمى و يمكن أن يحمل على نفس الحقائق. لهذا يمكنني أن أفكر من أجل البرهنة على أن 3 بالنسبة ل 6 هي 2 بالنسبة ل 4، لكننا لا نلاحظها بطريقة بديهية، من دون البرهنة عليها؟ فطول البرهان ينتهي بنا إلى إرهاق للفكر، لأننا لا نستطيع إدراك كل المحتويات و الآفاق، ولا يمكننا إدراك حدسيا كل البرهان.
انتقال:
بمعنى أنه ليست هناك حقيقة ليست قابلة للبرهنة بالضرورة، فحقائق العقل مثلا يمكن بلوغها عن طريق الدس، خاصة الحقائق الأولى غير القابلة للبرهنة و لكنها أساسية. لهذا ألا يمكن أن نقلص من دور البرهنة بالعلاقة بالحقيقة، ألا ينبغي أن نترك الأسبقية للواقعة و البداهة.
كل برهنة لا ترقى إلى مستوى الحقيقة
بعض مخاطر اعتماد العقلانية البرهانية في بناء الحقيقة.
باعتبار أن البرهان يعتمد كليا على العقل، ولا يستدعي التجربة، فالبرهان قد يثبت أشباه حقائق و هو ما يجعل من التجربة ضرورة، فلو أخذنا مثال الدليل الأنطولوجي على وجود الله الذي يعتمد القياس التالي ( الله كامل، لكن لو كان الله غير موجود لوجب وجود كائن أمسى منه ، ولن يكون إلاه، إذن الله موجود) فالخطأ يكمن في محاولة تجاوز الجوهر او مفهوم الله إلى وجوده، لكن هذا غير ممكن، لأنه لا يمكن تأكيد وجود شيء إلا عبر التجربة و ليس نتيجة استنتاجات العقل.
ـ يجب إذن التذكير أنه لا يكفي البرهنة على الحقيقة بل ينبغي استدعاء التجربة بالنسبة لحقائق الواقع، فكل ما تمت البرهنة عليه ليس حقيقيا بالرغم من أنه من الناحية المنطقية صالحا ، مما يفرض استحضار حدود العقل في إدراك الحقيقة.
ـ التفكير والمعرفة
يؤكد كانط أنه لا يمكن بناء المعرفة من دون تجربة، فهي تستدعي المعطيات التي تمدنا بها الحواس ( الحدوس الحسية) و الأفكار التي تنتج عن الفهم ( المقولات العقلية) ، فبدون مقولات عقلية الحدوس الحسية عمياء، وبدون حدوس حسية المقولات العقلية جوفاء. فمعرفتنا لا يمكن أن تتجاوز الحدوس الحسية ، ولكن يمكن التفكير من دون معرفة بالنسبة للقضايا التي لايمكن إخضاعها للتجربة و الإدراك الحسي مثل الله، الروح، العالم.
مما يعني أنه لا مجال لأن نتكلم عن حقيقة خارج التجربة، فالبرهان الذي لا يقوم على مفاهيم يصبح كلاما فارا من غير معنى، لأنها لا يمكن إخضاعها للتجربة، فعلم اللاهوت (علم الله) ليس معرفة بالمعنى الحقيقي للمعرفة لأنه يمكن تجنيد البرهان دون أن يتمكن من إثبات الحقيقة.
إذن يمكن بناء على الحجاج السابق أن نقول أن البرهان ليس الحقيقة، وأنه لافائدة من البرهنة، للإقتناع بحقيقة وجود موجودات متافيزيقية.

حقائق الفكر وحقائق القلب.
إن هذا التمييز هو الذي قاد باسكال وقبله الغزالي في كتابة المنقذ من الضلال إلى الخلاصة التي تقر بأن هناك حقائق لا يمكن للعقل الوصول إليها،بل نور يقذفه الله في قلب المؤمن وأن للقلب علله التي لا يمكن للعقل أن يدركها أبدا، فالإيمان من المستحيل الاقتناع به عقلا، فهو أصم أمام كل برهان، فوجود الله لا يمكن البرهنة عليها كما هو الأمر بالنسبة لنفي وجوده، بل يمكن الإيمان به فقط.
بالرغم من دلك أبرز الغزالي أن استعمال العقل ممكن، ولكن ضد العقل نفسه، بمعنى للاستدلال على ان العقل غير كاف(كما قال الباحث هنري كوربان حاول الغزالي بكل ما أوتي من جهد على أن العقل لا يبرهن شيئا وبرهن على دلك ببراهين عقلية) وأنه يمكن تجاوزه بأشياء أخرى، ليصبح الأمر شبيها بالبرهان بالخلف، لا يمكن للمرء أن يجعل للعقل قيمة عليا دون أن يسقط في مشاكل كبرى و نتائج عجيبة.
فالإنسان هو كائن ضعيف لكي يكتفي بعقله، مما يجب عليه حسب باسكال أن يقبل بعض الحقائق( حقائق القلب) التي لا يمكن البرهنة عليها، والتي يتم الوحي بها من طرف الدين و التي يمكن بلوغها عن طريق الإيمان.

خلاصة:
كل حقيقة لا يمكن البرهنة عليها ، لأنه هناك أنواع من الحقائق، فهناك حقائق الواقع التي يمكن التحقق منها تجريبيا و لا يمكن البرهنة عليها، يضاف إلى ذلك حقائق العقل (التي تعتمد مبادئ من طبيعتها أنها غير قابلة للبرهان)البداهات ، مما يوجب التخلي عن طموح الرغبة في إخضاع كل الحقائق للبرهنة و وضع حدود للعقل، فكل برهان واستدلال ليس أبدا حقيقة.
لكن بالنسبة لحقائق القلب هل من المشروع الاعتراف بأي وحي أو ايمان ديني كيفما كان شكل هذا الدين، فالمطالبة بالتخلي عن البرهنة على الحقائق القلب ( الدين) ألا يعني أنه نوع من التخلي عن نقدها على مستوى قيمتها المعرفية وليس على مستوى حقائقها.
Salah
Salah
مدير المنتدى
مدير المنتدى

ذكر

عدد المساهمات : 496
تاريخ التسجيل : 17/08/2009
العمر : 69

http://afaqbouz.societyforum.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

درس الحقيقة Empty رد: درس الحقيقة

مُساهمة من طرف Salah 21/6/2011, 13:19

في الحقيقة العلمية و الحقيقة الفلسفية

)الحقيقة تعريفها أصنافها و مقاييسها.

أولا:تعريفها :

ليس من السهل تعريف الحقيقة و ذلك لاختلا ف معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفي آخر،و من مجال إلى مجال،و من ثقافة إلى ثقافة أخرى ،و هذا يؤدي إلى تنوع المعارف وتعددها نقتصر فيها على ما يلي :

1-عند اللغويين:تطلق على الماهية أو الذات ،نحققه الشيء ماهية أي ما به الشيء هو هو,
2-الواقعيين مطابقة التصور (الحكم) للواقع ,كما نقول بأن الحقيقة مطابقة التصور لعالم الأشياء.
3)عند المناطقة والرياضيين :هو الأمر الممكن في العقل الذي لا يتخلله تناقض،و بتعبير آخر هي مطابقة النتائج للمنطلقات كما يمكن أن تكون المنطلقات ذاتها التي تجبر العقل على الالتزام بها قال"لايبنتز":{{ متى كانت الحقيقة مسرورة ،أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى تصل إلى الحقائق الأولى.}}و الحقائق الأولى هي الأوليات و المبادىء العقلية .
4)في إصطلاح الفلاسفة:هي الكائن الموصوف بالثبات والمطلقية(كالله و الخير)مع قطع النظر عمن سواه .

ثانيا:أصنافها: تقسم الحقيقة إلى ثلاثة أصناف.

الحقيقة المطلقة:
هي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف أو الحكيم ،و ابعد ما يستطيع بلوغه عن طريق العقل أو الحدس .فعند أفلاطون يعتبران الحقيقة تتمثل في عالم المثل الذي يمثل عالم الخلود و عالم الحق .و الفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلص من عالم الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم الفوقي.
أما عند أرسطو فالحقيقة المطلقة تتمثل في "المحرك"الذي لا يتحرك ،الذي يمثل "الله".
2)حقائق نسبية
هنا تقتصر على الحقائق العلمية ،لأن هذه الأخيرة تعبر عن علاقات ثابتة بين الظواهر تصاغ صياغات قانونية ،و هذه الأخيرة قابلة للرفض و التغير مما يطغي عليها طابع النسبية.
و النسبي لغة "هو المتعلق بغيره، أي أن النسبي ما يتوقف وجوده على غيره،ومما جعل الحقائق العلمية هو كون الاستقراء للموضوعيات العلمية مزال مفتوحا ،ثبت أن العلماء يسعون وراء الحقيقة النسبية ،و لهذا قال "كلود برنا رد"يجب أن نكون مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجود تقريبي كثيرا أو قليلا ، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تمثل حقائق ثابتة ). 3) حقائق ذوقية : وهي الشعور الذي يستولى على المتصوف عند بلوغه الحقيقة الربانية المطلقة ،فهو يستقي علمه من الله رأسا ويتم ذلك عن طريق الفناء .أو عن طريق التقاء وجود الخالق،و يتم بواسطة الكشف أو"الذوق" كما يعرف بالحدس ،من أجل بلوغ السعادة القسوة .
4الحقائق بين المطلق والنسبي :
وهي حقائق فلسفية ،إلى أنها تنهل مصداقيتها من الواقع الاجتماعي.و النفسي و ألتأملي

ثالثا مقياسها:

" نقدت مقاييس الحقيقة على حسب مجالاتها وفلسفة أصحابها ،فكان تارة مطابقة العقل للتجربة ،وكما اعتبروا الوضوح والبداهة ، و هناك من أعتبرها هو الكائن المطلق ،لذلك فإن مقياس الحقيقة لدى البراغماتيين هو النفع ولدى الوجوديون هو الذات البشرية، والوضوح لدى العقلانيين .
أ)مقياس الوضوح الحقيقة المخلقة) ذهب بعض الفلاسفة أمثال 'ديكارت.سبينوزا' إلي أن الحكم الصادق يعمل في حياته معيار صدقه ،و الوضوح .فاعتبر'ديكارت' أن البداهة هي معيارالمطلقية والتي لا يكتنفها الشك .وأنتهي إلى قضيته المشهورة :"أنا أفكر إذن،أنا موجود."كما أعتبر أن الأشياء التي نتصورها تصورًا بالغًا الوضوح و التميز هي الصحيحة حيث يقول :"إني أشك،ولكن لا أستطيع الشك فيه هو أنني أشك وأن الشك التفكير "،وفي هذا المعني يضيف"سبينوزا"أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج الحقيقة ،بحيث لايمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوح ويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكون معيار الفكرة الصادق .
ب)- مقياس النفع :ذهب بعض البرغماتين أمثال :"بيرس ،جيمس،ديوي" بحيث أعتبروا أن الحكم يكون صادقا إلا إذا أدى إلي منفعة عملية ،لذلك فالمنفعة هي المقياس الوحيد للصدق ،بحيث يقول "بيرس":"أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج،أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في حد ذاتها"،كما اعتبروا أنه لمعرفة الحقيقة من غير الحقيقة يجب ملاحظة النتائج ،لأنه ما يؤدى إلى النجاح فهو حقيقي.
ج)-مقياس الوجود لذاته: ترى الوجودية مع "ساتر" أن مجال الحقيقة هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي،و حقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته ،وتحديد مصيره ،و الحقيقة هي ممارسة التجربة، التي تجمع بين الحياة و الموت وما ينتج عنها من قلق ، وآلم .
تعقيب: إن إرجاع الحقيقة للوضوح يجعلها تلجأ إلي معيار ذاتي ،لأنها تصبح خاضعة في وضوحها إلي تربية الإنسان وميوله وإتجاهاته الفكرية ,
-أما إذا أرجعناها إلى مقياس النفع فإنه يؤدي إلى عدم وضوح الحقيقة بل إلى تضاربها و تناقضها ،و تسخر الحقيقة لمصالح الفرد.
- كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون لأنه يجب مراعاة البعد الاجتماعي للإنسان بوصفه كائن إجتماعي ,يعيش مع ذوات أخرى يجب مراعاتها.
2) :إذا كانت النسبية تلاحق الحقيقة المطلقة فهل الحقيقة المطلقة "نسبية " هي الأخرى؟:
ماهي الحقيقة المطلقة بالنظر إلي ذاتها ؟وهل طبيعتها تتغير إذا قبلناها بحقائق نسبية ؟ وهل تحافظ على خصوصياتها الأصلية إذا ما توصل إدراكنا إلى حملها ؟
أولا :خصائص الحقيقة المطلقة :المطلق لغة ’هو المعتري عن كل قيد،وهو ،التام والكامل كذا ما يراد ف القبلي ،ويقابل النسبي ,
أما إصطلاحا :علم ما بعد الطبيعة ،وهو إسم للشيء الذي لا يتوقف تصوره ووجوده على شيء آخر لأنه علة وجود نفسه ،ومن أهم خصائصه :أي من أهم خصائص التي تمتاز بها الحقيقة المطلقة هي أنها :
مجردة من كل قيد وعلائق ،أنها مستقلة لا تحتاج إلى علل من أجل وجودها ولا إلي أي حدود زمانية ومكانية ،كما أنها لا ترتبط بأحكام الإنسان وتصوراته ،وموقعها الحقيقي ما وراء عالم الشهادة ،كما أنها تعتبر المبدأ والغاية في آن واحد ،كما تعتبر الخير الأسمى الذي يتوق إليه الحكماء وأهل الفضول والذوق،كما أنها الموجود بما هو موجود ،أي أنها الحقيقة المطلقة التي تقوم مستقلة عن الذات.
ثانيا :النسبية وملاحقتها للمطلق:إذا كان المطلق يشير إلي الموجود في ذاته،ولذاته ، وبذاته ،فإن النسبي يشير إلي ما يتوقف وجوده علي غيره ، إلا أن التحديد المبدأى للمطلق يتم بالتجريد ،لأن إدراكه من طرف الإنسان هو إدراك من طرف كائن مقيد بحدود زمانية مكانية ومفاهيم ثقافية ،والمعرفة الإنسانية بين الذات العارفة والموضوع المعروف كما أن محاولة العقل الإنساني لإدراك المطلق يجعلنا نضع احتمالين إما أن تكون الحقيقة مطلقة ولا أمل في إدراكها من طرف المدرك ،وإما أن يدركها المدرك فتنتقل من المطلقية إلي النسبية . كما أن الحقيقة التي يتكلم عنها الفلاسفة تندرج تحت أنساق فلسفية معينة ، وهذا ما يجعلها حقائق تتماشي مع مذهبهم وما تقتضيه الضرورة المنطقية مما يجعلها تتغير من نسق فلسفي إلى نسق آخر،ومنها فالحقيقة لا يدركها عقل ولا علم ولا حدس ولاذ وق لأنها أمور ذاتية ،ونسبية و النسبي لا يمكنه أن يدرك المطلق .
3)-في هذه الحالة ،ألا تلتبس الحقيقة مع الواقع ؟ وأي واقع هذا؟:
ما هو الواقع وما مجالته المتنوعة ؟ وهل يقابل الحقيقة أم يلتبس بها ؟ وما دور الإنسان في تحديد طبيعة كل واحد من الطرفين ؟
أولا : تعريف الواقع القصد منه إبراز التنوع في الطبيعة والمجال:تتنوع كلمة الواقع علي حسب التأويلات التي نأخذها إما في المعني العام أو في المعني الفلسفي : في المعني العام -:يقرن بوجود الإنسان فنقول أن هذا الشيء واقعي لأنه موجود .
- :وقد يقرن الواقع بنا لا يختلف في حقيقته إثنان ،وهو ما يمكن أن يثبت وجوده حسيا أو تجريبيا.
في المعني الفلسفي :
وهو العالم الخارجي كما يتقدم لعقولنا وحواسنا ،ويتصف إدراكنا له بأنه حقيقي إذا ما تم فعلا
ويستنتج من هذا ،أن الواقع هو مصدر تقدير أحكامنا ،أي أن تكون الصور المدركة تعكس تماما ما في الواقع
أن الواقع هو وجود الأشياء العيني وجودا مستقلا عن الذات العارفة أي لا دخل للذات في تصوره ،ويمتاز بخصائص وموصفات منها :
-أنه مجال مستقل عن الذات المدركة ويمكنها من بلوغ الموضوعية
-أنه يعتبر المصدر الأول والأخير لإختيبار الفروض وتبرير أحكامنا العقلية
-أنه المنبه والدافع إلى إكتشاف الحقيقة ،وهي انطباق الفكر مع العالم الحسي والتجريبي .
ثانيا:إرتباط الحقيقة بالواقع :ويظهر هذا الإرتباط على شكلين:
1) التقابل :إن فكرة الحقيقة مرتبطة بالواقع بفكرة الواقع وذلك يظهر من خلال اتجاهين :- الإتجاه التجريبي الذي يجعل الحقيقة عاكسة للواقع
-الإتجاه المثالي الذي يجعل مقرها الواقع المثالي الثابت
2) الإلتباس:ولذلك وجب التميز بين الواقع في ذاته والواقع في ذواتنا ،و الواقع في ذواتنا يظهر في حالتين :-حالة تعبر عن الواقع الموضوعي كما نراه أو كما ندركه ، - وحالة تعبر عن" الواقع ",الحقيقة الذي نعيشه داخليا ، أي أن الإلتباس يحدث بين ما هو موجود في ذاتنا وما هو موجود في العالم المثالي : ومن هنا ,
♪ حسب الحسيان تصبح الحقيقة تعكس الواقع الموضوعي ( الحسي ) عكسًا تمامًا بحيث أن إنطباق الواقع غير الواقع ،أي بمثابة الصورة الجامدة التي تستقر فيها الأشكال و الثاني يستمر في حركاته الحية . فيصبح ما يراه الشخص أنه حقيقي يكون هو الحقيقة .
♪ أما المثاليون أمثال "أفلاطون ،ديكارت" تكمن الحقيقة في إتفاق معارفنا مع الوقائع المثالية الذي تشخص إليه عقول الحكماء

ثالثا-الإنسان بين الواقع والحقيقة :
إن الواقع هو واقع الأشياء ،و الحقيقة هي حقيقة الأفراد ، والقبض عن الحقيقة تتمثل في الحرية على حسب "هيدغر", أما السعي وراء الحقيقة المطلقة فيبقي أمرًا نسبيا بين الأفراد فكل ينظر إليها حسب نزعته الفلسفية ،بل حتى الحقيقة المطلقة التي تتمثل في "الله" وقع حولها أختلاف بين المجسمة والمنزه
حل المشكلة :أن مشكلة الحقائق تبقي الحقائق التي يسعى إليها الإنسان حقائق نسبية كما تبقي النسبية تلاحق المطلق في شتى المحالات .
Salah
Salah
مدير المنتدى
مدير المنتدى

ذكر

عدد المساهمات : 496
تاريخ التسجيل : 17/08/2009
العمر : 69

http://afaqbouz.societyforum.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى