الاختلاف: آدابه وتدبيره
صفحة 1 من اصل 1
الاختلاف: آدابه وتدبيره
(( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) )) البقرة
شرح الكلمات:
( كان الناس أمة واحدة ): كانوا قبل وجود الشرك فيهم أمة واحدة على الإِسلام والتوحيد وذلك قبل قوم نوح.
( النبيّون ): جمع نبيّ والمراد بهم الرسل إذ كل نبي رسول بدليل رسالتهم القائمة على البشارة والنذارة والمستمدة من كتب الله تعالى المنزلة عليهم.
( الكتاب ): اسم جنس يدخل فيه كل الكتب الإِلهية.
( أوتوه ): أعطوه.
( البينات ): الحجج والبراهين تحملها الرسل إليهم وتورثها فيهم شرائع وأحكاماً وهدايات عامة.
( بغياً ): البغي الظلم والحسد.
( الصراط المستقيم ): الإِسلام المفضي بصاحبه إلى السعادة والكمال في الحياتين.
معنى الآية الكريمة:
يخبر تعالى أن الناس كانوا ما بين آدم ونوح عليهما السلام في فترة طويلة أمةً واحدة على دين الإِسلام لم يعبد بينهم إلا الله تعالى حتى زيّن الشيطان لبعضهم عبادة غير الله تعالى فكان الشرك والضلال فبعث الله تعالى لهدايتهم نوحاً عليه السلام فاختلفوا إلى مؤمن وكافر وموحد ومشرك، وتوالت الرسل تحمل كتب الله تعالى المتضمنة الحكم الفصل في كل ما يختلفون فيه. ثم أخبر تعالى عن سنته في الناس وهي أن الذين يختلفون في الكتاب أي فيما يحويه من الشرائع والأحكام هم الذين سبق أن أوتوه وجاءتهم البينات فؤلاء يحملهم الحسد وحب الرئاسة، والإِبقاء على مصالحهم على عدم قبول ما جاء به الكتاب، واليهود هم المثل لهذه السنة فإنهم أتوا التوراة فيها حكم الله تعالى وجاءتهم البينات على أيدي العابدين من أنبيائهم ورسلهم واختلفوا في كثير من الشرائع والأحكام وكان الحامل له معلى ذلك البغي والحسد والعياذ بالله.
وهدى الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما اختلف فيه أهل الكتابين اليهود والنصارى فقال تعالى ( فهدى الله الذين آمنوا ) لما اختلف فيه أولئك المختلفون من الحق هداهم بإذنه ولطفه وتوفيقه فله الحمد وله المنة.
من هداية الآية:
1- الأصل هو التوحيد والشرك طارئ على البشرية.
3- من علامات خذلان الأمة وتعرضها للخسارة والدمار أن تختلف في كتابها ودينها فيحرفون كلام الله ويبدلون شرائعه طلبا للرئاسة وجريا وراء الأهواء والعصبيّات، وهذا الذي تعانى منه أمة الإِسلام اليوم وقبل اليوم، وكان سبب دمار بني إسرائيل.
4- أمة الإِسلام التي تعيش على الكتاب والسنة عقيدة وعبادة وقضاء هي المعنية بقوله تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه }.
5- الهداية بيد الله فليطلب العبد دائماً الهداية من الله تعالى بسؤاله المتكرر أن يهديه دائماً إلى الحق.
الخلاف والاختلاف
في لسان العرب: الخلاف بمعنى المضادة، وقد خالفه مخالفة، وتخالف الأمران إذا اختلفا ولم يتفقا، وعلى هذا فإن الخلاف يساوي عدم الموافقة إطلاقاً ، وفي القرآن الكريم قول اللََّه تعالى: {وما أريدُ أن أخالفَكم إلى ما أنهاكمُ عنه} (سورة هود، من الآية: 88)
والاختلاف: يعني عدم الاستواء، ومنه الحديث النبوي الشريف: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)، وعلى هذا فإن الاختلاف يعني عدم الموافقة بين الشيئين
الخلاف : الاختلاف في الآراء ، والذي يمتد إلى المشاحنة والتنافر وربما العراك ، وهو مذموم ومنهي عنه .
الاختلاف : سنة من سنن الله في خلقه، الاختلاف بين البشر صفة بشرية وطبيعة جبليَّة فيما بينهم، وذلك عائد إلى الاختلاف الملحوظ فيما بين فئات البشر واختلاف بيئاتهم، واختلاف مناهج التفكير وأنماط المعيشة، وتفاوت قدراتهم، وتباين اتجاهاتهم، وتعدد أمزجتهم، وتداخل أهدافهم وتضارب غاياتهم، إلى غير ذلك مما هو سمة لكل الناس مودعة في كل واحدٍ منهم.
ولقد اقتضت مشيئة الله الكونية خلق الناس مختلفين قال تعالى : ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) )) هود
ولم يستبعد القرآن الكريم احتمال اختلاف المؤمنين، بل أمر عند التنازع برد الأمر إلى الله ورسوله أي الاحتكام إلى القرآن والسنة قال تعالى : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) )) النساء
والاختلاف في حقيقته لا يعني الخلاف ما دمنا نبتغي منه الوصول للحقيقة، ولأفضل النتائج الممكنة، ولم يصل إلى حد التعصب للرأي أو الشقاق والتشاحن.
وإذا كان الإسلام قد أعطى للبشر الحق في الاختلاف، فإنه علم المسلمين كيف يختلفون، فوضع الضوابط المنهجية التي ينبغي أن يكون عليها المسلمون حين الخلاف؛ فالخلاف في الرأي غير الهوى، ولا يدفع الخلاف أيًّا من الطرفين إلى التجريح أو اتهام النيات أو التشنيع بسوء القصد.
ولا بد مع الاختلاف من جدال بالتي هي أحسن أي الاستناد إلى المنهج القويم والمنطق السليم والحجة المقنعة من جهة، واستخدام الكلام استخداما أمينا مع دقة التعبير والعرض من جهة ثانية، دون حقد وتشنيع وسوء الظن والجهر بالسوء من جهة ثالثة.
يقول فولتير :
(( قد اختلف معك في الرأي , ولكني على استعداد لان ادفع حياتي ثمنا لحقك في الدفاع عن رأيك ))
أسباب الاختلاف في الرؤى والأفكار والاتجاهات والميول والآراء
1 . عدم وضوح الرؤية لموضوع من كل جوانبه ، فالكل يدرك الموضوع من الزاوية التي ينظر إليها ، وربما ينظر أحدهم من زاويتين أو أكثر ، وربما ينظر من هو أوسعهم رؤية للموضوع من جميع زواياه .
يقول أحد الحكماء : (( إن الحق لم يصبه الناس من كل وجوهه ، ولم يخطئوه من كل وجوهه ، بل أصاب بعضهم جهة منه ، وأصاب آخرون جهة أخرى ))
2 . التقوقع والتصلب والانكماش والانغلاق والتخلف عن ركب التطور والتغيير .
3 . التعصب للرأي ، ربما لحرص على منفعة خاصة أو لهوى ما .
4 . تفاوت العقول والأفهام ، وبالتالي تفاوت واختلاف مستوى الفهم والاستيعاب للقصة الواحدة .
5 . اختلاف الحالة النفسية والمزاجية والذهنية للفرد الواحد من فترة لأخر وأثرها على طريقة ومستوى تفكيره ، وبالتالي قد يدلي برأيه في قصة ما ، وبعد وقت يدلي برأي آخر .
6 . اختلاف البيئات والأزمنة والمحاضن التربوية للأفراد والإنسان ابن بيئته الخاصة ( الأسرة ) ، والعامة ( المجتمع)
إرشادات مختصرة في توظيف الخلاف ( من آداب الاختلاف في الإسلام )
1 – الإيمان بحق الآخرين في أن يكون لهم وجهات نظرهم ورؤيتهم المختلفة للموضوع المطروح .
2 – تذكر أن الخلاف في وجهات النظر ليس ضارًا ، ولكنه يبني ويطور مستوى الأداء بالتعرف على الرؤى المختلفة .
3 – حاول أن ترى النقاط محل الاختلاف من وجهة نظر الطرف الآخر فربما يساعدك ذلك على الاقتراب منه أكثر .
4 – الاختلاف مع الآخرين مساحة محدودة ، أهملها عند رؤيتك لهم وعظم من رؤية مساحات الاتفاق وهى بلا شك كبيرة .
5 – إذا اختلفت مع الآخرين فاختلف بشرف ، وتحلى بسعة الصدر وانفتاح العقل .
6 – اسمح للآخرين بعرض وجهات نظرهم ، وكن كما قال " فولتير " قد أختلف معك في الرأي ، ولكني أدفع عمري ثمنًا لكي تقوله .
7 – كن على اتصال دائم بمن تختلف معه في الرأي لتستفيد من تميزه وطريقته المختلفة في الأداء .
8 – إذا ظننت في من تختلف معه أمراً سيئًا فلا تحقق ، وتذكر أن من أمامك سيكونون عند ظنك بهم .
9 – دع الأيام تقول وجهة نظرها بشأن خلافك مع الآخرين ولا تتعصب لوجهة نظرك واترك دائمًا لنفسك طريقًا للرجوع .
تذكر ( نصائح هامة تكسبك مهارة إدارة الاختلاف)
1- لا تقطع حبل المودة بمن خالفك ، وتذكر أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها .
2- ضع نفسك مكان الطرف الأخر ، فربما أصبحت أكثر استعدادا لتفهم مشكلته ، والإحساس الصادق بها ، و حاول أن تفهم وجهة نظره .
3- تحسس كلماتك وألفاظك ، وخفف من حدتها وتجنب الألفاظ التي تسيء إلى مخالفك في الرأي .
4- تسامح مع الآخرين ، واجعل خلافك معهم خلاف وجهات نظر ورؤى وليس اختلاف قلوب و مشاعر .
5- خصص وقتا وجهدا كافيين لمعرفة العاملين معك باستمرار لتتمكن من فهم قيمهم ومعتقداتهم .
احذر ( نقاط مهمة يجب التحرز من الوقوع فيها)
- أن تفترض في نفسك الصواب المطلق ، وفي رأى غيرك الخطأ المطلق .. ومن ثم تدافع عن رأيك دفاع المستميت .
- أن يظهر الخلاف بينك وبين الآخرين خلافًا في الرأي ثم ينتهي بك إلى الخلاف القلبي .
- أن تهمل الابتسامة وأنت تعرض وجهة نظرك حتى وإن كنت مختلفًا مع غيرك في الرأي .
- أن تنشغل أثناء استماعك للآخرين بتجهيز الردود على كلامهم .
- أن تقفز إلى النتائج مباشرة ولم تهيئ مستمعيك بعد إلى الإيمان بما تؤمن به .
- أن تجعل شخصية محدثك هدفًا لتجريحك ، وبدلاً من أن تلقى الضوء على فكرته تتحدث عن شخصه وطريقته في الأداء بطريقة لا يقبلها .
- أن تجعل نفسك حارسًا على آراء الآخرين ، وكلما أطلقوا فكرة تلقيتها بالنقد والتجريح .
- أن تتعصب لشخص أو فكرة ، أو لطائفة أو لجماعة ولم تقبل أن يناقشك أحدًا فيها ، فالأشخاص والطوائف حتى الجماعات هي جماعات بشرية يسري عليها قانون النقص والكمال .
- أن تسيء الظن بمن يخالفك في الرأي ، أو تتهم نية مخالفك وسرائره .
- أن تتمسك بوجهة نظرك بعد أن يظهر لك ما يخالفها من معلومات أو استيضاحات
شرح الكلمات:
( كان الناس أمة واحدة ): كانوا قبل وجود الشرك فيهم أمة واحدة على الإِسلام والتوحيد وذلك قبل قوم نوح.
( النبيّون ): جمع نبيّ والمراد بهم الرسل إذ كل نبي رسول بدليل رسالتهم القائمة على البشارة والنذارة والمستمدة من كتب الله تعالى المنزلة عليهم.
( الكتاب ): اسم جنس يدخل فيه كل الكتب الإِلهية.
( أوتوه ): أعطوه.
( البينات ): الحجج والبراهين تحملها الرسل إليهم وتورثها فيهم شرائع وأحكاماً وهدايات عامة.
( بغياً ): البغي الظلم والحسد.
( الصراط المستقيم ): الإِسلام المفضي بصاحبه إلى السعادة والكمال في الحياتين.
معنى الآية الكريمة:
يخبر تعالى أن الناس كانوا ما بين آدم ونوح عليهما السلام في فترة طويلة أمةً واحدة على دين الإِسلام لم يعبد بينهم إلا الله تعالى حتى زيّن الشيطان لبعضهم عبادة غير الله تعالى فكان الشرك والضلال فبعث الله تعالى لهدايتهم نوحاً عليه السلام فاختلفوا إلى مؤمن وكافر وموحد ومشرك، وتوالت الرسل تحمل كتب الله تعالى المتضمنة الحكم الفصل في كل ما يختلفون فيه. ثم أخبر تعالى عن سنته في الناس وهي أن الذين يختلفون في الكتاب أي فيما يحويه من الشرائع والأحكام هم الذين سبق أن أوتوه وجاءتهم البينات فؤلاء يحملهم الحسد وحب الرئاسة، والإِبقاء على مصالحهم على عدم قبول ما جاء به الكتاب، واليهود هم المثل لهذه السنة فإنهم أتوا التوراة فيها حكم الله تعالى وجاءتهم البينات على أيدي العابدين من أنبيائهم ورسلهم واختلفوا في كثير من الشرائع والأحكام وكان الحامل له معلى ذلك البغي والحسد والعياذ بالله.
وهدى الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما اختلف فيه أهل الكتابين اليهود والنصارى فقال تعالى ( فهدى الله الذين آمنوا ) لما اختلف فيه أولئك المختلفون من الحق هداهم بإذنه ولطفه وتوفيقه فله الحمد وله المنة.
من هداية الآية:
1- الأصل هو التوحيد والشرك طارئ على البشرية.
3- من علامات خذلان الأمة وتعرضها للخسارة والدمار أن تختلف في كتابها ودينها فيحرفون كلام الله ويبدلون شرائعه طلبا للرئاسة وجريا وراء الأهواء والعصبيّات، وهذا الذي تعانى منه أمة الإِسلام اليوم وقبل اليوم، وكان سبب دمار بني إسرائيل.
4- أمة الإِسلام التي تعيش على الكتاب والسنة عقيدة وعبادة وقضاء هي المعنية بقوله تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه }.
5- الهداية بيد الله فليطلب العبد دائماً الهداية من الله تعالى بسؤاله المتكرر أن يهديه دائماً إلى الحق.
الخلاف والاختلاف
في لسان العرب: الخلاف بمعنى المضادة، وقد خالفه مخالفة، وتخالف الأمران إذا اختلفا ولم يتفقا، وعلى هذا فإن الخلاف يساوي عدم الموافقة إطلاقاً ، وفي القرآن الكريم قول اللََّه تعالى: {وما أريدُ أن أخالفَكم إلى ما أنهاكمُ عنه} (سورة هود، من الآية: 88)
والاختلاف: يعني عدم الاستواء، ومنه الحديث النبوي الشريف: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)، وعلى هذا فإن الاختلاف يعني عدم الموافقة بين الشيئين
الخلاف : الاختلاف في الآراء ، والذي يمتد إلى المشاحنة والتنافر وربما العراك ، وهو مذموم ومنهي عنه .
الاختلاف : سنة من سنن الله في خلقه، الاختلاف بين البشر صفة بشرية وطبيعة جبليَّة فيما بينهم، وذلك عائد إلى الاختلاف الملحوظ فيما بين فئات البشر واختلاف بيئاتهم، واختلاف مناهج التفكير وأنماط المعيشة، وتفاوت قدراتهم، وتباين اتجاهاتهم، وتعدد أمزجتهم، وتداخل أهدافهم وتضارب غاياتهم، إلى غير ذلك مما هو سمة لكل الناس مودعة في كل واحدٍ منهم.
ولقد اقتضت مشيئة الله الكونية خلق الناس مختلفين قال تعالى : ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) )) هود
ولم يستبعد القرآن الكريم احتمال اختلاف المؤمنين، بل أمر عند التنازع برد الأمر إلى الله ورسوله أي الاحتكام إلى القرآن والسنة قال تعالى : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) )) النساء
والاختلاف في حقيقته لا يعني الخلاف ما دمنا نبتغي منه الوصول للحقيقة، ولأفضل النتائج الممكنة، ولم يصل إلى حد التعصب للرأي أو الشقاق والتشاحن.
وإذا كان الإسلام قد أعطى للبشر الحق في الاختلاف، فإنه علم المسلمين كيف يختلفون، فوضع الضوابط المنهجية التي ينبغي أن يكون عليها المسلمون حين الخلاف؛ فالخلاف في الرأي غير الهوى، ولا يدفع الخلاف أيًّا من الطرفين إلى التجريح أو اتهام النيات أو التشنيع بسوء القصد.
ولا بد مع الاختلاف من جدال بالتي هي أحسن أي الاستناد إلى المنهج القويم والمنطق السليم والحجة المقنعة من جهة، واستخدام الكلام استخداما أمينا مع دقة التعبير والعرض من جهة ثانية، دون حقد وتشنيع وسوء الظن والجهر بالسوء من جهة ثالثة.
يقول فولتير :
(( قد اختلف معك في الرأي , ولكني على استعداد لان ادفع حياتي ثمنا لحقك في الدفاع عن رأيك ))
أسباب الاختلاف في الرؤى والأفكار والاتجاهات والميول والآراء
1 . عدم وضوح الرؤية لموضوع من كل جوانبه ، فالكل يدرك الموضوع من الزاوية التي ينظر إليها ، وربما ينظر أحدهم من زاويتين أو أكثر ، وربما ينظر من هو أوسعهم رؤية للموضوع من جميع زواياه .
يقول أحد الحكماء : (( إن الحق لم يصبه الناس من كل وجوهه ، ولم يخطئوه من كل وجوهه ، بل أصاب بعضهم جهة منه ، وأصاب آخرون جهة أخرى ))
2 . التقوقع والتصلب والانكماش والانغلاق والتخلف عن ركب التطور والتغيير .
3 . التعصب للرأي ، ربما لحرص على منفعة خاصة أو لهوى ما .
4 . تفاوت العقول والأفهام ، وبالتالي تفاوت واختلاف مستوى الفهم والاستيعاب للقصة الواحدة .
5 . اختلاف الحالة النفسية والمزاجية والذهنية للفرد الواحد من فترة لأخر وأثرها على طريقة ومستوى تفكيره ، وبالتالي قد يدلي برأيه في قصة ما ، وبعد وقت يدلي برأي آخر .
6 . اختلاف البيئات والأزمنة والمحاضن التربوية للأفراد والإنسان ابن بيئته الخاصة ( الأسرة ) ، والعامة ( المجتمع)
إرشادات مختصرة في توظيف الخلاف ( من آداب الاختلاف في الإسلام )
1 – الإيمان بحق الآخرين في أن يكون لهم وجهات نظرهم ورؤيتهم المختلفة للموضوع المطروح .
2 – تذكر أن الخلاف في وجهات النظر ليس ضارًا ، ولكنه يبني ويطور مستوى الأداء بالتعرف على الرؤى المختلفة .
3 – حاول أن ترى النقاط محل الاختلاف من وجهة نظر الطرف الآخر فربما يساعدك ذلك على الاقتراب منه أكثر .
4 – الاختلاف مع الآخرين مساحة محدودة ، أهملها عند رؤيتك لهم وعظم من رؤية مساحات الاتفاق وهى بلا شك كبيرة .
5 – إذا اختلفت مع الآخرين فاختلف بشرف ، وتحلى بسعة الصدر وانفتاح العقل .
6 – اسمح للآخرين بعرض وجهات نظرهم ، وكن كما قال " فولتير " قد أختلف معك في الرأي ، ولكني أدفع عمري ثمنًا لكي تقوله .
7 – كن على اتصال دائم بمن تختلف معه في الرأي لتستفيد من تميزه وطريقته المختلفة في الأداء .
8 – إذا ظننت في من تختلف معه أمراً سيئًا فلا تحقق ، وتذكر أن من أمامك سيكونون عند ظنك بهم .
9 – دع الأيام تقول وجهة نظرها بشأن خلافك مع الآخرين ولا تتعصب لوجهة نظرك واترك دائمًا لنفسك طريقًا للرجوع .
تذكر ( نصائح هامة تكسبك مهارة إدارة الاختلاف)
1- لا تقطع حبل المودة بمن خالفك ، وتذكر أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها .
2- ضع نفسك مكان الطرف الأخر ، فربما أصبحت أكثر استعدادا لتفهم مشكلته ، والإحساس الصادق بها ، و حاول أن تفهم وجهة نظره .
3- تحسس كلماتك وألفاظك ، وخفف من حدتها وتجنب الألفاظ التي تسيء إلى مخالفك في الرأي .
4- تسامح مع الآخرين ، واجعل خلافك معهم خلاف وجهات نظر ورؤى وليس اختلاف قلوب و مشاعر .
5- خصص وقتا وجهدا كافيين لمعرفة العاملين معك باستمرار لتتمكن من فهم قيمهم ومعتقداتهم .
احذر ( نقاط مهمة يجب التحرز من الوقوع فيها)
- أن تفترض في نفسك الصواب المطلق ، وفي رأى غيرك الخطأ المطلق .. ومن ثم تدافع عن رأيك دفاع المستميت .
- أن يظهر الخلاف بينك وبين الآخرين خلافًا في الرأي ثم ينتهي بك إلى الخلاف القلبي .
- أن تهمل الابتسامة وأنت تعرض وجهة نظرك حتى وإن كنت مختلفًا مع غيرك في الرأي .
- أن تنشغل أثناء استماعك للآخرين بتجهيز الردود على كلامهم .
- أن تقفز إلى النتائج مباشرة ولم تهيئ مستمعيك بعد إلى الإيمان بما تؤمن به .
- أن تجعل شخصية محدثك هدفًا لتجريحك ، وبدلاً من أن تلقى الضوء على فكرته تتحدث عن شخصه وطريقته في الأداء بطريقة لا يقبلها .
- أن تجعل نفسك حارسًا على آراء الآخرين ، وكلما أطلقوا فكرة تلقيتها بالنقد والتجريح .
- أن تتعصب لشخص أو فكرة ، أو لطائفة أو لجماعة ولم تقبل أن يناقشك أحدًا فيها ، فالأشخاص والطوائف حتى الجماعات هي جماعات بشرية يسري عليها قانون النقص والكمال .
- أن تسيء الظن بمن يخالفك في الرأي ، أو تتهم نية مخالفك وسرائره .
- أن تتمسك بوجهة نظرك بعد أن يظهر لك ما يخالفها من معلومات أو استيضاحات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى