عرض حول حقوق الإنسان في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
عرض حول حقوق الإنسان في الإسلام
الوحدة الحقوقية
عرض حول
حقوق الإنسان في الإسلام
من إعداد:
أمينة فتح
كوثر مجمر
زهور الزاهي
إيمان بالعسري
سمية الراشدي
تحت إشراف الأستاذ الحسين إسضار
تقديم:
¢ إن الكنوز الإسلامية التي تحمل أروع صور تكريم الفرد ضاعت بفعل التعصب الأعمى الذي كان ولا يزال يدفع أبناء كل مذهب إلى التركيز على ما من شأنه دعم متبنياتهم وتفنيد صحيح الآخر، وهكذا لم يول المسلمون هذا الجانب - حقوق الإنسان - في التراث الإسلامي الأهمية اللازمة، حتى صار كالجوهرة التي تقر في الطين بانتظار اليد التي تنتشلها وتعرف قيمتها.
¢ إن مسألة عدم إبراز جانب حقوق الإنسان في الإسلام، ولو جزئياً، تعود إلى أن هناك البعض من المسلمين ممن يعتبر الإسلام ديناً لا دولة، وبما أن حقوق الإنسان تتعلق في أحد جوانبها بالصعيد السياسي فقد جرى إهمال قضية إبراز هذا الجانب من الحقوق.
¢ في هذا البحث سوق نقتصر على الخوض في التراث الإسلامي متمثلاً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبعض الكتب الأخرى ذات الصلة الوثيقة بموضوع البحث، من قبيل نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ورسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين.
طبيعة حقوق الإنسان في الإسلام:
¢ حين شرع الإسلام حقوق الإنسان لم يقف فيها عند حدود التوصيات، وإنما ارتقى بها إلى درجة أنه اعتبرها من نوع الفرائض والواجبات، ولكن لا كالفرائض والواجبات التي تلزم جانباً من جانبي العلاقة، وإنما هي ملزمة لجانبي العلاقة على حد سواء.
¢ لقد عرفت الحضارة الإسلامية هذه الحقوق، ومارستها (قديماً لا كمجرد حقوق للإنسان وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية) تفرض على كل من تتعلق به مراعاتها؛ فمن جانب صاحبها - الإنسان - لا تعد هذه (مجرد حقوق للإنسان، يباح له أن يتنازل عن أي منها، إذا هو أراد.. وإنما هي - جميعها - فرائض إلهية، وتكاليف شرعية) لا يجوز لصاحبها أن يتنازل عنها.
¢ هذا من جهة صاحبها، أما من جهة الدولة فإن الدولة الإسلامية مسؤولة عن مراعاة تلك الحقوق، وإن (الحاكم الإسلامي مسؤول عن تأمينها وضمانها للمواطنين).
حقوق الإنسان في الإسلام.... إطلاق أم تقييد؟
¢ في الوقت الذي يدعو الإسلام، ويقر حقوق الإنسان، لا يطلق يد الفرد - مع ذلك - بحيث تتحول عملية الاستفادة من الحقوق إلى فوضى.
¢ إن الشريعة الإسلامية جاءت لترسي (الأسس في نظرية استعمال الحق والتعسف في الاستعمال وفق معطيات الحقوق وخصائصها).
¢ فالمهم (في كل هذه الحقوق أن يكون - الاستعمال - عقلائياً، ولم يمنع عنه الشارع منعاً خاصاً أو عاماً).
¢ فهذا النوع من الحقوق مقيد (بثلاثة أنحاء من القيود: الأول: القيود القانونية (أي الشرعية) الأولية، الثاني: القيود الثانوية مما يجمعها شورى الفقهاء ومن إليهم لظروف خاصة وهي محدودة بحدود الضرر أو الاضطرار أو ما أشبه، الثالث: القيود الاتفاقية: مما يقررها أصحاب الشخصيات الحقيقية أو الحقوقية فيما بينهم).
المبادئ الثلاثة في الإسلام:
المبادئ الثلاثة التي دعا إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي:
الحرية.
المساواة.
الأخوة.
الحقوق و الحريات الشخصية:
¢ الحياة أول حق جعله الله للإنسان؛ فهي من الحقوق المقدسة في الإسلام بحيث لا يحق لأحد التجاوز على حق غيره في الحياة؛ فقد اعتبر الإسلام الاعتداء على حياة إنسان واحد بمثابة الاعتداء على حقوق جميع الناس، فحول هذا الأمر ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً).
¢ إن هذا التشديد على احترام حق الحياة، لم يكن ليشمل جانب الغير فقط وإنما ينال صاحب الحياة ذاته أيضاً؛ فليس من حق الإنسان التنازل عن حقه في الحياة.
¢ أما الحق الآخر للإنسان فحقه في حياة حرة كريمة، ولا يجوز لأحد كائناً من كان استرقاقه، فالحرية (هي الإباحة التي تمكن الإنسان من الفعل المعبر عن إرادته في أي ميدان من ميادين الفعل أو الترك وبأي لون من ألوان التعبير).
¢ وكما أن الإسلام لا يجيز لأحد استرقاق غيره والاعتداء على حريته، فكذلك لم يجز للإنسان التنازل عن حريته.
¢ لقد جعل الإسلام حق الحرية بمثابة حق الحياة في المقام؛ لذلك تجد القرآن يجعل كفارة من قتل إنساناً مؤمناً خطأً تحرير رقبة مؤمنة التي تعادل الإحياء أما من قتل إنساناً مؤمناً عمداً فإن هذه لا يمكن أن تكون كفارته.
حقوق الإنسان في علاقته مع مجتمعه و غيره:
¢ للإنسان - كل إنسان - حياته الخاصة التي لا يحق للغير التدخل فيها أو الاطلاع على ما لا يريد هو اطلاع الغير عليه؛ فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد عصم بها دمه وماله وعرضه.
¢ وفي الحديث الشريف: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، ولقد اعتبر الإسلام عين المتلصص على غيره وهو في بيته هدراً فيما لو فقأها له صاحب المنزل.
¢ ومن ضمن هذا النوع من الحقوق حق الإنسان في التنقل في أرض الله الواسعة، فالأرض لله وهذا حق من حقوقه، ويتفرع عليه حقه في اتخاذ موطن آخر هرباً وتخلصاً من حياة الظلم والقهر في موطنه؛ وذلك حماية لحياته وصيانة لحريته، فقد جعل الله تعالى التقصير في هذا الأمر من الظلم: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا).
¢ وورد في ذلك أيضاً قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
¢ ثم إن للإنسان حقاً في أن يتخذ زوجة بالرضا بعد بلوغه، ويكوّن أسرة تتمتع بحماية الدولة من كل ما يتهددها من المخاطر.
¢ وللإنسان الحق - كذلك - في التملك عن طريق الكسب الحلال الذي لا يقوم على الاستغلال؛ فلو تملك الإنسان شيئاً دخل حق الملكية هذا في حماية القانون، بحيث لا يجوز تجريده من ملكه تعسفاً.
في الحريات الروحية و الحقوق المدنية و السياسية:
يشتمل هذا الباب من الحريات والحقوق على التالي:
حرية المعتقد.
حرية الرأي والفكر.
الحقوق السياسية.
الحقوق المدنية.
حرية الرأي و الفكر:
¢ فيما يتعلق بحرية الرأي لم يضع الإسلام خطوطاً حمراء لا يسمح للفرد بتجاوزها، ويكفي دليلاً على ذلك ما ورد عن النبي الأكرم (ص) في القصة التالية:
فقد روي أن أحد الشعراء جاء إلى النبي(ص) وقال له: (أنا آتي بخير من القرآن).
فعلى الرغم من أن هذا الرجل تحدى أصدق وثيقة إلهية في العالم، لم يقف الرسول (ص) بوجهه، وإنما أجابه قائلاً: هات ما عندك. فقال:
دنت الساعة وانشق القمر لغزالٍ فر مني ونفر
فأجابه الرسول(ص) قائلاً: كلامك جميل ولكن كلام الله أجمل.
¢ هذا بالنسبة لحرية الرأي، أما بالنسبة لحرية الفكر فقد أكد القرآن الكريم عليها تأكيداً منقطع النظير؛ فلم تخل سورة من سوره المباركة من قوله تعالى: (أفلا يتفكرون) (أفلا يعقلون).
¢ إن (حرية الفكر ليست سلوكاً محدداً ولكنها منظومة متعددة الجوانب، المقصود بها أن يستطيع عقل الإنسان تدبر أمور الحياة، وموقفه منها، بدون قيود صارمة وقوالب مفروضة).
الحقوق السياسية:
¢ الحقوق السياسية تعني: (الحقوق التي يقررها القانون العام والتي تمكّن الأشخاص من القيام بأعمال معينة تمكنهم من المشاركة في إدارة شؤون المجتمع السياسية).
¢ كما تعني حق مشاركة الفرد (في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية).
¢ فالإسلام يرى في الشورى (السبيل المنطقي القويم الذي يقود المجتمع والإنسان معاً إلى سلامة المنهج وصواب الرأي وسعادة الحياة... ). ولقد جاء في القرآن الكريم حول مبدأ الشورى قوله تعالى: (وشاورهم في الأمر).
¢ وللأهمية البالغة لمبدأ الشورى عمم الإسلام موقفه منه (إلى كل جوانب الحياة حينما فرض على كل واحد من أفراد المجتمع قانون التشاور والانفتاح... حتى في المسائل الجزئية الصغيرة إذ حرض الجميع على ملاقحة الأفكار والفحص عن الرأي السديد فقال: (وأمرهم شورى بينهم).
الحقوق المدنية:
¢ وهي الحقوق التي (تكفل للفرد حماية الذات) والتي بمقتضاها يعطى للشخص (بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده).
¢ وتنقسم الحقوق المدنية إلى:
• حقوق الأسرة.
•الحقوق المالية.
¢ فبالنسبة لحقوق الأسرة فقد رتب الإسلام جميع الضمانات للفرد لكي يعيش في ظل أسرة ينتمي إليها ويعيش في كنفها، كما تمتعت هذه الأسرة بكل وسائل الحماية في ظل الإسلام.
¢ أما في مجال الحقوق المالية فإن الإسلام يحترم حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائماً على استغلال الناس كما تقدم ذكره.
الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية:
وهذه الحقوق تتمثل في:
حق العمل.
الضمان الاجتماعي.
حق التعلم.
خاتمة:
¢ إن الدين الإسلامي الذي كرّم الإنسان وفضله على غيره من المخلوقات، بحيث سخر جميع ما في الكون لخدمته، وجعله الله خليفة له في الأرض: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) لا يمكن أن يكون قد قصر في إقرار حقوقه الأساسية.
¢ فحقوق الإنسان في الإسلام مما لا يمكن التغاضي أو غض الطرف عنها، للحيز الذي تشغله في الشرع المقدس، وما هذا الذي عرضناه في ثنايا البحث سوى غيض من فيض يتسع الحديث فيه بما لا يتناسب مع محدودية هذه الصفحات.
¢ ولكن الأمر المؤسف أن هذا الجانب - حقوق الإنسان في الإسلام - مغيب في ظل الخلافات الحادة بين المسلمين؛ مما جعل الكثير منهم يجهل وجود هذه الحقوق في الإسلام.
¢ فنحن بحاجة ماسة إلى إبراز هذا الجانب الإسلامي الهام، ويتوجب علينا بعيداً عن الخلافات المذهبية - إيقاف الأجيال على كتب التراث التي تحوي من هذه الكنوز الشيء الكثير؛ من قبيل:
1- نهج البلاغة للإمام علي: هذا الكتاب الذي وإن عرف المسلمون اسمه إلا أن الكثير منهم يجهل مضمونه.
2- رسالة الحقوق: للإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب هذه الرسالة التي تحوي من الحقوق في كل مسألة وعلاقة يرتبط بها الإنسان مع غيره.
عرض حول
حقوق الإنسان في الإسلام
من إعداد:
أمينة فتح
كوثر مجمر
زهور الزاهي
إيمان بالعسري
سمية الراشدي
تحت إشراف الأستاذ الحسين إسضار
تقديم:
¢ إن الكنوز الإسلامية التي تحمل أروع صور تكريم الفرد ضاعت بفعل التعصب الأعمى الذي كان ولا يزال يدفع أبناء كل مذهب إلى التركيز على ما من شأنه دعم متبنياتهم وتفنيد صحيح الآخر، وهكذا لم يول المسلمون هذا الجانب - حقوق الإنسان - في التراث الإسلامي الأهمية اللازمة، حتى صار كالجوهرة التي تقر في الطين بانتظار اليد التي تنتشلها وتعرف قيمتها.
¢ إن مسألة عدم إبراز جانب حقوق الإنسان في الإسلام، ولو جزئياً، تعود إلى أن هناك البعض من المسلمين ممن يعتبر الإسلام ديناً لا دولة، وبما أن حقوق الإنسان تتعلق في أحد جوانبها بالصعيد السياسي فقد جرى إهمال قضية إبراز هذا الجانب من الحقوق.
¢ في هذا البحث سوق نقتصر على الخوض في التراث الإسلامي متمثلاً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبعض الكتب الأخرى ذات الصلة الوثيقة بموضوع البحث، من قبيل نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ورسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين.
طبيعة حقوق الإنسان في الإسلام:
¢ حين شرع الإسلام حقوق الإنسان لم يقف فيها عند حدود التوصيات، وإنما ارتقى بها إلى درجة أنه اعتبرها من نوع الفرائض والواجبات، ولكن لا كالفرائض والواجبات التي تلزم جانباً من جانبي العلاقة، وإنما هي ملزمة لجانبي العلاقة على حد سواء.
¢ لقد عرفت الحضارة الإسلامية هذه الحقوق، ومارستها (قديماً لا كمجرد حقوق للإنسان وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية) تفرض على كل من تتعلق به مراعاتها؛ فمن جانب صاحبها - الإنسان - لا تعد هذه (مجرد حقوق للإنسان، يباح له أن يتنازل عن أي منها، إذا هو أراد.. وإنما هي - جميعها - فرائض إلهية، وتكاليف شرعية) لا يجوز لصاحبها أن يتنازل عنها.
¢ هذا من جهة صاحبها، أما من جهة الدولة فإن الدولة الإسلامية مسؤولة عن مراعاة تلك الحقوق، وإن (الحاكم الإسلامي مسؤول عن تأمينها وضمانها للمواطنين).
حقوق الإنسان في الإسلام.... إطلاق أم تقييد؟
¢ في الوقت الذي يدعو الإسلام، ويقر حقوق الإنسان، لا يطلق يد الفرد - مع ذلك - بحيث تتحول عملية الاستفادة من الحقوق إلى فوضى.
¢ إن الشريعة الإسلامية جاءت لترسي (الأسس في نظرية استعمال الحق والتعسف في الاستعمال وفق معطيات الحقوق وخصائصها).
¢ فالمهم (في كل هذه الحقوق أن يكون - الاستعمال - عقلائياً، ولم يمنع عنه الشارع منعاً خاصاً أو عاماً).
¢ فهذا النوع من الحقوق مقيد (بثلاثة أنحاء من القيود: الأول: القيود القانونية (أي الشرعية) الأولية، الثاني: القيود الثانوية مما يجمعها شورى الفقهاء ومن إليهم لظروف خاصة وهي محدودة بحدود الضرر أو الاضطرار أو ما أشبه، الثالث: القيود الاتفاقية: مما يقررها أصحاب الشخصيات الحقيقية أو الحقوقية فيما بينهم).
المبادئ الثلاثة في الإسلام:
المبادئ الثلاثة التي دعا إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي:
الحرية.
المساواة.
الأخوة.
الحقوق و الحريات الشخصية:
¢ الحياة أول حق جعله الله للإنسان؛ فهي من الحقوق المقدسة في الإسلام بحيث لا يحق لأحد التجاوز على حق غيره في الحياة؛ فقد اعتبر الإسلام الاعتداء على حياة إنسان واحد بمثابة الاعتداء على حقوق جميع الناس، فحول هذا الأمر ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً).
¢ إن هذا التشديد على احترام حق الحياة، لم يكن ليشمل جانب الغير فقط وإنما ينال صاحب الحياة ذاته أيضاً؛ فليس من حق الإنسان التنازل عن حقه في الحياة.
¢ أما الحق الآخر للإنسان فحقه في حياة حرة كريمة، ولا يجوز لأحد كائناً من كان استرقاقه، فالحرية (هي الإباحة التي تمكن الإنسان من الفعل المعبر عن إرادته في أي ميدان من ميادين الفعل أو الترك وبأي لون من ألوان التعبير).
¢ وكما أن الإسلام لا يجيز لأحد استرقاق غيره والاعتداء على حريته، فكذلك لم يجز للإنسان التنازل عن حريته.
¢ لقد جعل الإسلام حق الحرية بمثابة حق الحياة في المقام؛ لذلك تجد القرآن يجعل كفارة من قتل إنساناً مؤمناً خطأً تحرير رقبة مؤمنة التي تعادل الإحياء أما من قتل إنساناً مؤمناً عمداً فإن هذه لا يمكن أن تكون كفارته.
حقوق الإنسان في علاقته مع مجتمعه و غيره:
¢ للإنسان - كل إنسان - حياته الخاصة التي لا يحق للغير التدخل فيها أو الاطلاع على ما لا يريد هو اطلاع الغير عليه؛ فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد عصم بها دمه وماله وعرضه.
¢ وفي الحديث الشريف: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، ولقد اعتبر الإسلام عين المتلصص على غيره وهو في بيته هدراً فيما لو فقأها له صاحب المنزل.
¢ ومن ضمن هذا النوع من الحقوق حق الإنسان في التنقل في أرض الله الواسعة، فالأرض لله وهذا حق من حقوقه، ويتفرع عليه حقه في اتخاذ موطن آخر هرباً وتخلصاً من حياة الظلم والقهر في موطنه؛ وذلك حماية لحياته وصيانة لحريته، فقد جعل الله تعالى التقصير في هذا الأمر من الظلم: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا).
¢ وورد في ذلك أيضاً قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
¢ ثم إن للإنسان حقاً في أن يتخذ زوجة بالرضا بعد بلوغه، ويكوّن أسرة تتمتع بحماية الدولة من كل ما يتهددها من المخاطر.
¢ وللإنسان الحق - كذلك - في التملك عن طريق الكسب الحلال الذي لا يقوم على الاستغلال؛ فلو تملك الإنسان شيئاً دخل حق الملكية هذا في حماية القانون، بحيث لا يجوز تجريده من ملكه تعسفاً.
في الحريات الروحية و الحقوق المدنية و السياسية:
يشتمل هذا الباب من الحريات والحقوق على التالي:
حرية المعتقد.
حرية الرأي والفكر.
الحقوق السياسية.
الحقوق المدنية.
حرية الرأي و الفكر:
¢ فيما يتعلق بحرية الرأي لم يضع الإسلام خطوطاً حمراء لا يسمح للفرد بتجاوزها، ويكفي دليلاً على ذلك ما ورد عن النبي الأكرم (ص) في القصة التالية:
فقد روي أن أحد الشعراء جاء إلى النبي(ص) وقال له: (أنا آتي بخير من القرآن).
فعلى الرغم من أن هذا الرجل تحدى أصدق وثيقة إلهية في العالم، لم يقف الرسول (ص) بوجهه، وإنما أجابه قائلاً: هات ما عندك. فقال:
دنت الساعة وانشق القمر لغزالٍ فر مني ونفر
فأجابه الرسول(ص) قائلاً: كلامك جميل ولكن كلام الله أجمل.
¢ هذا بالنسبة لحرية الرأي، أما بالنسبة لحرية الفكر فقد أكد القرآن الكريم عليها تأكيداً منقطع النظير؛ فلم تخل سورة من سوره المباركة من قوله تعالى: (أفلا يتفكرون) (أفلا يعقلون).
¢ إن (حرية الفكر ليست سلوكاً محدداً ولكنها منظومة متعددة الجوانب، المقصود بها أن يستطيع عقل الإنسان تدبر أمور الحياة، وموقفه منها، بدون قيود صارمة وقوالب مفروضة).
الحقوق السياسية:
¢ الحقوق السياسية تعني: (الحقوق التي يقررها القانون العام والتي تمكّن الأشخاص من القيام بأعمال معينة تمكنهم من المشاركة في إدارة شؤون المجتمع السياسية).
¢ كما تعني حق مشاركة الفرد (في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية).
¢ فالإسلام يرى في الشورى (السبيل المنطقي القويم الذي يقود المجتمع والإنسان معاً إلى سلامة المنهج وصواب الرأي وسعادة الحياة... ). ولقد جاء في القرآن الكريم حول مبدأ الشورى قوله تعالى: (وشاورهم في الأمر).
¢ وللأهمية البالغة لمبدأ الشورى عمم الإسلام موقفه منه (إلى كل جوانب الحياة حينما فرض على كل واحد من أفراد المجتمع قانون التشاور والانفتاح... حتى في المسائل الجزئية الصغيرة إذ حرض الجميع على ملاقحة الأفكار والفحص عن الرأي السديد فقال: (وأمرهم شورى بينهم).
الحقوق المدنية:
¢ وهي الحقوق التي (تكفل للفرد حماية الذات) والتي بمقتضاها يعطى للشخص (بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده).
¢ وتنقسم الحقوق المدنية إلى:
• حقوق الأسرة.
•الحقوق المالية.
¢ فبالنسبة لحقوق الأسرة فقد رتب الإسلام جميع الضمانات للفرد لكي يعيش في ظل أسرة ينتمي إليها ويعيش في كنفها، كما تمتعت هذه الأسرة بكل وسائل الحماية في ظل الإسلام.
¢ أما في مجال الحقوق المالية فإن الإسلام يحترم حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائماً على استغلال الناس كما تقدم ذكره.
الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية:
وهذه الحقوق تتمثل في:
حق العمل.
الضمان الاجتماعي.
حق التعلم.
خاتمة:
¢ إن الدين الإسلامي الذي كرّم الإنسان وفضله على غيره من المخلوقات، بحيث سخر جميع ما في الكون لخدمته، وجعله الله خليفة له في الأرض: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) لا يمكن أن يكون قد قصر في إقرار حقوقه الأساسية.
¢ فحقوق الإنسان في الإسلام مما لا يمكن التغاضي أو غض الطرف عنها، للحيز الذي تشغله في الشرع المقدس، وما هذا الذي عرضناه في ثنايا البحث سوى غيض من فيض يتسع الحديث فيه بما لا يتناسب مع محدودية هذه الصفحات.
¢ ولكن الأمر المؤسف أن هذا الجانب - حقوق الإنسان في الإسلام - مغيب في ظل الخلافات الحادة بين المسلمين؛ مما جعل الكثير منهم يجهل وجود هذه الحقوق في الإسلام.
¢ فنحن بحاجة ماسة إلى إبراز هذا الجانب الإسلامي الهام، ويتوجب علينا بعيداً عن الخلافات المذهبية - إيقاف الأجيال على كتب التراث التي تحوي من هذه الكنوز الشيء الكثير؛ من قبيل:
1- نهج البلاغة للإمام علي: هذا الكتاب الذي وإن عرف المسلمون اسمه إلا أن الكثير منهم يجهل مضمونه.
2- رسالة الحقوق: للإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب هذه الرسالة التي تحوي من الحقوق في كل مسألة وعلاقة يرتبط بها الإنسان مع غيره.
مواضيع مماثلة
» التربية على حقوق الإنسان
» التربية على حقوق الإنسان: حسن أيو
» خصائص التفكير المنهجي في الإسلام
» درس خصائص التفكير المنهجي في الإسلام
» الإدارة التربوية و بناء الإنسان
» التربية على حقوق الإنسان: حسن أيو
» خصائص التفكير المنهجي في الإسلام
» درس خصائص التفكير المنهجي في الإسلام
» الإدارة التربوية و بناء الإنسان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى