ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
المنتدى في خدمة جميع الأساتذة و الطلبة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
المنتدى في خدمة جميع الأساتذة و الطلبة
ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الانحراف الدلالي، وبنية النمط الشعوري 2

اذهب الى الأسفل

الانحراف الدلالي، وبنية النمط الشعوري 2 Empty الانحراف الدلالي، وبنية النمط الشعوري 2

مُساهمة من طرف النبراس 30/8/2009, 12:39



ومن نماذج الانحراف الدلالي قول الشاعر عبد الكريم الناعم :
وأمي عتيقة الهموم تشتري براءتي بالعُمر، تَنْتَحِبْ.‏
تبكي عليَّ، فابنها جنازة تَفِرُّ من أحداثها،‏
نَعْش على أكتاف وَهْمِهِ يُسَاقْ.‏
وقِصَّة عتيقة ميناؤها الرياح...(8).‏
ولنبدأ بِحَلّ شفرة هذا المقطع بتحويله إلى نثر،أي محاولة تقديم مقاربة دلالية له :‏
*"
أُمُّهُ عتيقة الهموم تشتري براءته بالعُمُر(؟). تَنْتَحِبْ... تَبْكي عَلَيْه.‏
فابنها 0[التِفَات]- جنازة تَفِرّ من أحداقها (؟).‏
- [
وابنها]- نَعْشٌ على أكْتافِ وَهْمِهِ (؟).‏
- [
وهم النعش]- يُسَاقْ".‏
إلى هنا ينتهي حقل التشكيل الإنزياحي عند الشاعر، في هذا المقطع، ومن نثره نوجز ثلاث مناطق للانحراف:‏
(1)
العمر –بلا تحديد.‏
(2)
الجنازة التي تَفِر من أحداق أمِّهِ.‏
(3)
نعش على أكتاف وهمه –وهم النعش- يُسَاق.‏
في المنطقة الأولى تستبدل براءته بِعُمْر لم تُحَدِّد مدلوله، وهو في نفس الوقت ليس عمرها؛ لأنها بعد تلك العملية تقوم بفعل؛ وتُقارب، بالمنطقة الثانية، مفتاحاً للأولى، حيث إنّ الثانية فِعل تقوم به أمّه. أمّا المنطقة الثالثة فهي ذروة الفعل الفنّي، وإن ماسَّتْ منطقة الغموض، فالنعش على أكتاف وهمه يُسَاق. فما هو وَهْمُ النعش؟ وما هي أكتاف هذا الوهم؟ مع الأخذ في الاعتبار "أنّ يُسَاق" فعل مبني للمجهول، أي تكريس المفعوليّة في مقابل تغيب الفاعل تماماً؛ ونخلص من ذلك إلى سؤال ثالث؛ من الذي يسوق النعش؟.‏
الشاعر هنا يسلك مسلكاً أسلوبياً معروفاً؛ إذ يُقدّم اعتقاداً ثم يَسْتَدِلُّ لصواب هذا الاعتقاد(9). فأمّه اشترت براءته /(قيمة الجوهر)،بعمره /(الهيكل العرضي)؛ بعد أن ذاب في الكأس عمرُه... لقد اتجهت الأم في الجوهر مدفوعة من نداء الغريزة التي تطمح إلى الكشف،... إلى المخبوء،والنفوس المثاليّة تتطلّع للسمو والتنزّه عن قصور البشريّين، وقد استعمل الشاعر الجَمَاد هنا. النعش –ليتداخل معه في حالات شعوريّة متساوقة بينهما بفرض تكافُئِهِمَا، وهو نوع مُتَقَدِمٌ من الإزاحة باعتبار الانزياح آلية لتقويض البناء التَعَقّلي بالإغراق فيه، في محاولة للوصول إلى الاتجاه الغريزي الذي ينزع نحو التسامي؛ فجمال الشعر وقيمته يكمنان في كونه منطقة وسطى بين العقل والغريزة، فلا هو معرفة نجرّده، ولا هو اتجاه غريزي بَحْت. والنمط نفسه يتكرَّر في قصيدته "آتيك عَالماً فأَوْرِقي"، إذ يقول عبد الكريم الناعم:‏
وحينما لم تبق في الشفاه أغنية‏
مَدَدّتُ مقلتي‏
عبرت فوقها،‏
وصرت قُبّة في عالم بلا فلك‏
لقد احتفظت لغة الشعر –على مَرّ العصور- بمقوّمات فَنّية مازالت تنمو بفضل عباقرة الشعراء والنقاد في مختلف الآداب، وانتهت إلى العصر الحديث فأثّرتفي أدبه من حيث صياغته ومعانيه. ولا ينال هذا التأثّر –في شيء- من اللغة ألفاظها وقواعدها؛ فهذا ما لم يَقُلْ به أَحَدٌ من المجدّدين الذينيُعْتَدّ بهم، في أدبنا العربي أو في الآداب العالميّة الأخرى، ولم يدر فيخلد هؤلاء المجدّدين أن ينالوا من اللغة أو يُهَوِّنوا من شأنها أو من شأن المعرفة الدقيقة لأساليبها ومعانيها(10).‏
ومحصّلة الأمر أن هذه الظاهرة تتشعب إلى نوعين:‏
1 -
مُرُود قاعدي ruletic deviation.
2 -
انحراف مضموني، انزياح displacement.
أولهما مرذول لأنه يُعتبر من أوجه القصور التي تصيب أدوات الشاعر. أما الثاني يُعَدّ بُعْداً جمالياً إذا لم يحاول الشاعر الإغراق فيه والالتزام بمدلول شعري قادر على تفجير الطاقة التواصلية للغة بين الشاعر والمتلقين.‏
***
إحالات :‏
(1)
انظر؛ د. صلاح فضل: إنتاج الدلالية الأدبية، هيئة قصور الثقافة المصرية (ص: 240).‏
(2)
د.صلاح فضل: بلاغة الخطاب وعلم النص، المجلس الوطني للثقافة، عالم المعرفةالكويت (ص: 58) ؛ وانظر؛ مناقشة رولان بارت لهذا المصطلح في:‏
-Roland Barthes, "Style and its Image" in; "The Literary Style; Asymposium" ed.
Schaman Oxford univ. press, 1961 (p7). Tzvetan Tod- orov, The place of stylen in the structure of the text. In; The Literary style, Ibid (p. 77-88).

(3)
شوقي ضيف: في النقد الأدبي، دار المعارف، (ص: 129).
(4)- -Trence Hawkes; structuralism and semiotics, (p. 63) univ. of California press 1977.
(5) فوزي العنتيل: رحلة في أعماق الكلمات، دار المعارف (ص 54 ).
(6)
علاء الدين رمضان، المتواليات. الهيئة المصرية العامة للكتاب (ص: 63).‏
(7)
فضل؛ بلاغة الخطاب (ص: 200).
(8)
عبد الكريم الناعم: الرحيل والصوت البدوي، مؤسسات ابن عبد الله بتونس (ص: 15). ‏
(9)
راجع: تلخيص كتاب الشعر، مؤلفات ابن رشد، هيئة الكتاب، (ص: 69-70).‏
(10)
د.محمد غنيمي هلال: النقد الأدبي الحديث، ط دار نهضة مصر، (ص: 386).
النبراس
النبراس
مشرف
مشرف

ذكر

عدد المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 20/08/2009
العمر : 59

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى