قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة :: الدروس :: 2AB :: الشعب الأدبية :: مادة اللغة العربية :: مادة دراسة المؤلفات
صفحة 1 من اصل 1
قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
البناء الدرامي للأحداث
تنفتح الرواية بحدث أساسي في حياة البطل سعيد مهران :الخروج من السجن حيث يودع باب السجن الصامت و يستقبله الشارع (بغبار خانق و حر لا يطاق (ص07.لكنه(يتنفس نسمة الحرية) 07 رغم أن لا احد في انتظاره. لكن هذا الحدث ليس هو الأقدم في كرونولوجية أحداث الرواية بل من خلال ذكريات البطل نطلع على مراحل سابقة عن حدث الخروج من السجن :مرحلة الطفولة حين كان يرتبط سعيد بمقر الشيخ الجنيدي من خلال مرافقة والده، احد مريدي الشيخ، و كذا ارتباطه بدار الطلبة حيث كان يعمل أبوه ثم حيث سيعمل هو نفسه كحارس، و هناك يكتسب صداقة طالب متميز اسمه رؤوف علوان الذي علمه مبادئ النضال وزرع فيه حس التمرد و محاربة الظلم.ثم نتعرف على احداث العلاقة العاطفية بين سعيد و نبوية و كذا عن الخيانة/الوشاية التي أودت به إلى السجن بإيعاز من مساعده الأقرب :’عليش’. هذه الأحداث السابقة لمرحلة السجن تأتي عبر شلال الذكريات في مواقع مختلفة داخل الرواية، لكن أحداث ما بعد الخروج من السجن ستكون أكثر اثارة و دينامية و رغم أنها مرتبطة بسابقتها فإنها حفرت مجراها المستقل في حياة سعيد.واهم هذه الأحداث زيارته لبيت عليش من اجل استرجاع طفلته سناء، التي ستنكره مما جعله يفقد توازنه النفسي بتضافر النكران (ابنته) و الخيانة (زوجته و مساعده) ثم لاحقا خيانة صديقه القديم رؤوف علوان و سلسلة الأخطاء العشوائية (قتل ضحيتين).وهذا الاختلال في حياة البطل سعيد سيجسد عبر الرواية في رحلة مأساوية من الهروب و الاختفاء بسبب افتقاده لمكان امن (كما سيرد في تحليل المكان).لتنتهي تلك الرحلة المأساوية بمحاصرة الشرطة له بالقرافة ليستسلم بعد مقاومة يائسة.وهكذا يمكن ان نتصور بنية الأحداث في الرواية من خلال ما يلي :
1) ما قبل السجن :
· الطفولة.
· موت الأب و العمل مكانه.
· الزواج بنبوية.
· ممارسة اللصوصية المنظمة.
2) السجن :
· الدخول إلى السجن. وطلب الطلاق من طرف نبوية.
· الخروج من السجن.
3) ما بعد السجن :
· لقاء طفلته .
· لقاء رؤوف.
· الشروع في الانتقام.
· محاولة سرقة رؤوف ومحاولة قتل كل من رؤوف وعليش.
· الاستسلام.
ومن خلال ملاحظة هذه الخطاطة التي تمثل الانتظام الخطي لأهم أحداث الرواية، أي نظام الأحداث كما هي في الواقع نستنتج إن الأحداث لم تقدم في الرواية بشكل خطي و إنما تم تكسيرها (الانطلاق من الحاضر: لحظة الخروج من السجن).أي أن السارد يقدم الأحداث و حركة البطل في الرواية بواسطة تعاقب:الحاضر/الماضي/الحاضر/الماضي…خاصة أن بعض أحداث الحاضر تحتاج إلى إضاءة لا توجد إلا في الماضي و كذلك الشخصية لا تقدم مكتملة و إنما متنامية.
و تتميز الأحداث أيضا بطابعها المتنامي المفتوح على المفاجآت و اللامتوقع…وهذا يحررها من طابعها الخطي الجاهز.
و يمكن الإشارة أيضا إلى ما يمكن تسميته’بلعبة المتاهات المغلقة’ في بناء الأحداث.فافتتاح ‘باب السجن الأصم’ ص 7 يلقي بسعيد في متاهات المجتمع فيبدأ باتباع مسارات متنوعة للوصول إلى هدفه/أهدافه :
المسار الأول :مسلك استرجاع طفلته سناء و ينتهي بالانغلاق/نكرانها له.
المسار الثاني :مسلك الشيخ علي الجنيدي و ينتهي باللا تواصل .
المسار الثالث :مسلك رؤوف علوان/الصديق القديم و ينتهي بالنكران و التملص و الخيانة.
المسار الرابع :مسلك نور و رغم أنها قدمت له دعما لا مشروطا فان ذلك لم يخرجه من حالة العجز.
المسار الخامس :مسلك طرزان كان ايجابيا في البداية لكنه انغلق في النهاية (حصار المقهى).
المسارالسادس :اللجوء إلى المقبرة التي تصبح محاصرة و ينتهي بالانغلاق الأكبر أي الاستسلام.
هكذا يبدو سعيد مهران كفار تجربة في متاهة جد معقدة :”كان يغادر البيت في حذر فاتجه نحو طريق المصانع ومنه مال نحو الخلاء و ازداد بمغادرة المخبأ وعيا باحساس المطارد.فشارك الفئران و الثعابين مشاعرها حين تسلل وحيدا في الظلمة تتربص به المدينة التي تلوح أضواؤها في الأفق و يتجرع وحدته”ص132 .
هذه المسارات تخلق عند سعيد وهم تحقيقه للعدالة المنشودة في مكان بعيد جدا فيحاول مرة أخرى ليجتر خيبة الفشل. فتبدو عملية البحث عن تحقيق العدالة كعملية سيزيفية تتأرجح بين قمة الجبل و سفحه/سفحه و قمته :
Ø التعليم__موت الاب__العمل__ فقدانه_احتراف اللصوصية__الدخول إلى السجن__الخروج منه__الفشل في استرجاع طفلته__اللجوء إلى الشيخ__النكران__ الانتقام__الفشل و الاستسلام.
وهكذا تتحقق للأحداث كل الشروط الدرامية خاصة ان سعيد يجسد الصراع الخارجي مع”الكلاب” كما يعيش ألوانا من الصراع الداخلي (تمزقات الحيرة و الانتظار و الخوف…).
تنفتح الرواية بحدث أساسي في حياة البطل سعيد مهران :الخروج من السجن حيث يودع باب السجن الصامت و يستقبله الشارع (بغبار خانق و حر لا يطاق (ص07.لكنه(يتنفس نسمة الحرية) 07 رغم أن لا احد في انتظاره. لكن هذا الحدث ليس هو الأقدم في كرونولوجية أحداث الرواية بل من خلال ذكريات البطل نطلع على مراحل سابقة عن حدث الخروج من السجن :مرحلة الطفولة حين كان يرتبط سعيد بمقر الشيخ الجنيدي من خلال مرافقة والده، احد مريدي الشيخ، و كذا ارتباطه بدار الطلبة حيث كان يعمل أبوه ثم حيث سيعمل هو نفسه كحارس، و هناك يكتسب صداقة طالب متميز اسمه رؤوف علوان الذي علمه مبادئ النضال وزرع فيه حس التمرد و محاربة الظلم.ثم نتعرف على احداث العلاقة العاطفية بين سعيد و نبوية و كذا عن الخيانة/الوشاية التي أودت به إلى السجن بإيعاز من مساعده الأقرب :’عليش’. هذه الأحداث السابقة لمرحلة السجن تأتي عبر شلال الذكريات في مواقع مختلفة داخل الرواية، لكن أحداث ما بعد الخروج من السجن ستكون أكثر اثارة و دينامية و رغم أنها مرتبطة بسابقتها فإنها حفرت مجراها المستقل في حياة سعيد.واهم هذه الأحداث زيارته لبيت عليش من اجل استرجاع طفلته سناء، التي ستنكره مما جعله يفقد توازنه النفسي بتضافر النكران (ابنته) و الخيانة (زوجته و مساعده) ثم لاحقا خيانة صديقه القديم رؤوف علوان و سلسلة الأخطاء العشوائية (قتل ضحيتين).وهذا الاختلال في حياة البطل سعيد سيجسد عبر الرواية في رحلة مأساوية من الهروب و الاختفاء بسبب افتقاده لمكان امن (كما سيرد في تحليل المكان).لتنتهي تلك الرحلة المأساوية بمحاصرة الشرطة له بالقرافة ليستسلم بعد مقاومة يائسة.وهكذا يمكن ان نتصور بنية الأحداث في الرواية من خلال ما يلي :
1) ما قبل السجن :
· الطفولة.
· موت الأب و العمل مكانه.
· الزواج بنبوية.
· ممارسة اللصوصية المنظمة.
2) السجن :
· الدخول إلى السجن. وطلب الطلاق من طرف نبوية.
· الخروج من السجن.
3) ما بعد السجن :
· لقاء طفلته .
· لقاء رؤوف.
· الشروع في الانتقام.
· محاولة سرقة رؤوف ومحاولة قتل كل من رؤوف وعليش.
· الاستسلام.
ومن خلال ملاحظة هذه الخطاطة التي تمثل الانتظام الخطي لأهم أحداث الرواية، أي نظام الأحداث كما هي في الواقع نستنتج إن الأحداث لم تقدم في الرواية بشكل خطي و إنما تم تكسيرها (الانطلاق من الحاضر: لحظة الخروج من السجن).أي أن السارد يقدم الأحداث و حركة البطل في الرواية بواسطة تعاقب:الحاضر/الماضي/الحاضر/الماضي…خاصة أن بعض أحداث الحاضر تحتاج إلى إضاءة لا توجد إلا في الماضي و كذلك الشخصية لا تقدم مكتملة و إنما متنامية.
و تتميز الأحداث أيضا بطابعها المتنامي المفتوح على المفاجآت و اللامتوقع…وهذا يحررها من طابعها الخطي الجاهز.
و يمكن الإشارة أيضا إلى ما يمكن تسميته’بلعبة المتاهات المغلقة’ في بناء الأحداث.فافتتاح ‘باب السجن الأصم’ ص 7 يلقي بسعيد في متاهات المجتمع فيبدأ باتباع مسارات متنوعة للوصول إلى هدفه/أهدافه :
المسار الأول :مسلك استرجاع طفلته سناء و ينتهي بالانغلاق/نكرانها له.
المسار الثاني :مسلك الشيخ علي الجنيدي و ينتهي باللا تواصل .
المسار الثالث :مسلك رؤوف علوان/الصديق القديم و ينتهي بالنكران و التملص و الخيانة.
المسار الرابع :مسلك نور و رغم أنها قدمت له دعما لا مشروطا فان ذلك لم يخرجه من حالة العجز.
المسار الخامس :مسلك طرزان كان ايجابيا في البداية لكنه انغلق في النهاية (حصار المقهى).
المسارالسادس :اللجوء إلى المقبرة التي تصبح محاصرة و ينتهي بالانغلاق الأكبر أي الاستسلام.
هكذا يبدو سعيد مهران كفار تجربة في متاهة جد معقدة :”كان يغادر البيت في حذر فاتجه نحو طريق المصانع ومنه مال نحو الخلاء و ازداد بمغادرة المخبأ وعيا باحساس المطارد.فشارك الفئران و الثعابين مشاعرها حين تسلل وحيدا في الظلمة تتربص به المدينة التي تلوح أضواؤها في الأفق و يتجرع وحدته”ص132 .
هذه المسارات تخلق عند سعيد وهم تحقيقه للعدالة المنشودة في مكان بعيد جدا فيحاول مرة أخرى ليجتر خيبة الفشل. فتبدو عملية البحث عن تحقيق العدالة كعملية سيزيفية تتأرجح بين قمة الجبل و سفحه/سفحه و قمته :
Ø التعليم__موت الاب__العمل__ فقدانه_احتراف اللصوصية__الدخول إلى السجن__الخروج منه__الفشل في استرجاع طفلته__اللجوء إلى الشيخ__النكران__ الانتقام__الفشل و الاستسلام.
وهكذا تتحقق للأحداث كل الشروط الدرامية خاصة ان سعيد يجسد الصراع الخارجي مع”الكلاب” كما يعيش ألوانا من الصراع الداخلي (تمزقات الحيرة و الانتظار و الخوف…).
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
الرهانات :
يعرف الرهان بأنه” تحديد الطريقة التي تنتظم بها الأحداث في أية رواية”.
Ø والرهان نوعان :
§ رهانات المحتوى :الشخصيات / الموضوعات المتنازع عنها / أسباب وقوع الحدث.
§ رهان الخطاب :(الأثر الذي يسعى النص إلى إحداثه في القارئ).(علاقة المتكلم بالمتلقي).
Ø رهانات الشخصيات :سعيد مهران عانى من الفقر و الحرمان من حنان الأسرة و الحرمان من الاستقرار العاطفي و الاجتماعي.وحاول تغيير وضعه بعناد و إصرار و بذل جهدا كبيرا لإعادة التوازن لنفسه و أسرته و طبقته الاجتماعية.فنجح في بعض المراحل الجزئية و لكنه فشل في المرحلة النهائية (الكليات).
1. سعيد :المعاناة : الفقر__الحرمان__انعدام الاستقرار.
نجاح جزئي :التغلب على المعاناة__جني المال__الإشباع__الاستقرار الأسري.
النهاية :الفشل و التحول إلى مجرم مهدد بالسجن/المشنقة.
عليش : التغرير__التهديد المبطن__إعادة التضامن لحفظ الكرامة.
فشل جزئي. كل هذا ادى إلى النجاح الكلي في النهاية(الإفلات من العقاب و الاستمرار حرا)
علوان :فشل جزئي :تزوير
فشل جزئي :تغليط.
نجاح كلي(تحريض السلطة على سعيد و تحويله إلى مجرم
نور :الحب__الصدق__التضحية.
نجاح جزئي.
v رهان الخطاب :المحاولات الفردية لتغيير الواقع محكوم عليها بالفشل.
§ سعي سعيد بمفرده للتغيير(محاربة الظلم).
§ مناهضة الجماعة له(عليش/نبوية/رؤوف/الكلاب).النتيجة هي الفشل.(تكريس الظلم).
وضعية السارد في رواية “اللص و الكلاب” :
من يحكي و من يرى ؟
انطلاقا من هذه الجملة في بداية الرواية :’مرة أخرى يتنفس الحرية’(والمقصود سعيد مهران) نستطيع تحديد المتكلم و هو السارد الذي ينقل لنا أخبار سعيد و حركاته و مشاعره و يتأكد ذلك في مواقع متعددة من الرواية ‘كان يشعر(سعيد)بفورة نشاط عجيب’…وهذا الصوت المجهول العارف بكل شيء هو المهيمن في الرواية و تسمى زاوية النظر هذه بالمنظور السردي أو الرؤية من خلف و هي تقنية تقليدية معروفة في السرد الروائي خصوصا. لكن نجيب محفوظ يعتمدها بنوع من المرونة بحيث لا يسمح لهذا السارد الديكتاتور بالهيمنة المطلقة- رغم حضوره المهيمن- بل يمنح الشخصيات مساحة من الحرية و يجعلها تتكلم ليتوارى صوت السارد العارف كما يظهر في المثال التالي :”نبوية و عليش كيف انقلب الاسمان اسما واحدا أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب و قديما ظننتما ان باب السجن لن يفتح و لعلكما تترقبان في حذر ولن اقع في الفخ و لكني سأنقض في اليوم المناسب كالقدر”.هنا يتماهى صوت السارد العارف بكل شيء بصوت سعيد مهران الذي يصبح ساردا / شخصية ، يمارس التبئيرمن الخارج أو من الداخل و هذا يتحقق كثيرا في الرواية كلما أطلق سعيد العنان للبوح و تداعي الأفكار..او في شكل مونولوج واضح. كما تتم هيمنة السارد العارف من خلال تواريه أمام أصوات الشخصيات المتحاورة حوارا خارجيا اذ يكتفي بالتنسيق بينها”- لم تسللت إلى بيتي لم تريد ان تسرقني؟
تردد سعيد مليا ثم قال –’لا ادري لست في حالة طبيعية و أنت لن تصدقني !’
و هكذا يتأرجح السرد بين صوت أساسي هو صوت السارد العارف بكل شيء المنطلق من رؤية من خلف و أصوات شخصيات متكلمة (مونولوج/ديالوج).
و لكن الاختيار الفني للكاتب يبقى تقليديا لأنه اعتمد الرؤية من خلف ربما نظرا لما تتيحه من تحكم اكبر في الأحداث و الشخصيات.ولكنها لا تتيح تنويعا في السرد و اللغة ووجهات النظر و الأصوات.
يعرف الرهان بأنه” تحديد الطريقة التي تنتظم بها الأحداث في أية رواية”.
Ø والرهان نوعان :
§ رهانات المحتوى :الشخصيات / الموضوعات المتنازع عنها / أسباب وقوع الحدث.
§ رهان الخطاب :(الأثر الذي يسعى النص إلى إحداثه في القارئ).(علاقة المتكلم بالمتلقي).
Ø رهانات الشخصيات :سعيد مهران عانى من الفقر و الحرمان من حنان الأسرة و الحرمان من الاستقرار العاطفي و الاجتماعي.وحاول تغيير وضعه بعناد و إصرار و بذل جهدا كبيرا لإعادة التوازن لنفسه و أسرته و طبقته الاجتماعية.فنجح في بعض المراحل الجزئية و لكنه فشل في المرحلة النهائية (الكليات).
1. سعيد :المعاناة : الفقر__الحرمان__انعدام الاستقرار.
نجاح جزئي :التغلب على المعاناة__جني المال__الإشباع__الاستقرار الأسري.
النهاية :الفشل و التحول إلى مجرم مهدد بالسجن/المشنقة.
عليش : التغرير__التهديد المبطن__إعادة التضامن لحفظ الكرامة.
فشل جزئي. كل هذا ادى إلى النجاح الكلي في النهاية(الإفلات من العقاب و الاستمرار حرا)
علوان :فشل جزئي :تزوير
فشل جزئي :تغليط.
نجاح كلي(تحريض السلطة على سعيد و تحويله إلى مجرم
نور :الحب__الصدق__التضحية.
نجاح جزئي.
v رهان الخطاب :المحاولات الفردية لتغيير الواقع محكوم عليها بالفشل.
§ سعي سعيد بمفرده للتغيير(محاربة الظلم).
§ مناهضة الجماعة له(عليش/نبوية/رؤوف/الكلاب).النتيجة هي الفشل.(تكريس الظلم).
وضعية السارد في رواية “اللص و الكلاب” :
من يحكي و من يرى ؟
انطلاقا من هذه الجملة في بداية الرواية :’مرة أخرى يتنفس الحرية’(والمقصود سعيد مهران) نستطيع تحديد المتكلم و هو السارد الذي ينقل لنا أخبار سعيد و حركاته و مشاعره و يتأكد ذلك في مواقع متعددة من الرواية ‘كان يشعر(سعيد)بفورة نشاط عجيب’…وهذا الصوت المجهول العارف بكل شيء هو المهيمن في الرواية و تسمى زاوية النظر هذه بالمنظور السردي أو الرؤية من خلف و هي تقنية تقليدية معروفة في السرد الروائي خصوصا. لكن نجيب محفوظ يعتمدها بنوع من المرونة بحيث لا يسمح لهذا السارد الديكتاتور بالهيمنة المطلقة- رغم حضوره المهيمن- بل يمنح الشخصيات مساحة من الحرية و يجعلها تتكلم ليتوارى صوت السارد العارف كما يظهر في المثال التالي :”نبوية و عليش كيف انقلب الاسمان اسما واحدا أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب و قديما ظننتما ان باب السجن لن يفتح و لعلكما تترقبان في حذر ولن اقع في الفخ و لكني سأنقض في اليوم المناسب كالقدر”.هنا يتماهى صوت السارد العارف بكل شيء بصوت سعيد مهران الذي يصبح ساردا / شخصية ، يمارس التبئيرمن الخارج أو من الداخل و هذا يتحقق كثيرا في الرواية كلما أطلق سعيد العنان للبوح و تداعي الأفكار..او في شكل مونولوج واضح. كما تتم هيمنة السارد العارف من خلال تواريه أمام أصوات الشخصيات المتحاورة حوارا خارجيا اذ يكتفي بالتنسيق بينها”- لم تسللت إلى بيتي لم تريد ان تسرقني؟
تردد سعيد مليا ثم قال –’لا ادري لست في حالة طبيعية و أنت لن تصدقني !’
و هكذا يتأرجح السرد بين صوت أساسي هو صوت السارد العارف بكل شيء المنطلق من رؤية من خلف و أصوات شخصيات متكلمة (مونولوج/ديالوج).
و لكن الاختيار الفني للكاتب يبقى تقليديا لأنه اعتمد الرؤية من خلف ربما نظرا لما تتيحه من تحكم اكبر في الأحداث و الشخصيات.ولكنها لا تتيح تنويعا في السرد و اللغة ووجهات النظر و الأصوات.
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
ملاحظات حول المكان في رواية”اللص و الكلاب”
الداخل/ الخارج :
1) السجن : - دخل سعيد السجن بسبب وشاية مساعده ‘عليش’بتواطؤ مع زوجته السابقة ‘نبوية’ و بذلك فقد مكانه الأساسي “البيت/عندي” فأصبح السجن مكانه الجديد هو الخارج/الداخل و لكنه مغاير”للبيت” الذي كان يمثل له”المأوى” ‘لن تجد لنفسك مأوى’ ص17/”لا مكان لي في الدنيا إلا بيتك (يخاطب الشيخ)” ص 24./ “لا أجد مكانا في الأرض” ص27. و فقدان سعيد لبيته/الداخل الحميمي تسبب في فقدان الأسرة(الزوجة/البنت)و فقدان المال (المدخرات)و الكتب أيضا التي كان يحبها و ظلت حاضرة و ملازمة له في جل مراحل الرواية.هذا الفقد خرب حياته و حساباته لان الخارج كسجن لم يكن سوى مكانا معاديا “جلد السجن ليس بالقسوة التي سببها له نكران طفلته” ص20 افقده أربع سنوات من حياته.مكان مغلق يكبل حريته و يلقي به في عزلة قاتلة (لم يزره احد من عائلته) و يجعله عاجزا عن الانتقام.
2) خارج السجن :
Ø الشارع :”غبار خانق و حر لا يطاق” ص7. و “لم يجد في انتظاره احد” ص7. و تستقبله “الطرقات المثقلة بالشمس” ص 07.
فرغم ان سعيد”يتنفس نسمة الحرية” ص7 فان الفضاء الخارج عن السجن يستقبله باكفهرار و سوداوية و بدون ترحاب، مما يوحد الدلالة السلبية للخارج/الشارع، و الداخل/السجن فكلاهما معاد للبطل و حتى الأماكن الأخرى المؤثثة للشارع :الحواري/العطفة/البيت/الدكاكين لا تقدم الا عبر مؤشرات سلبية و معادية :”الحواري التي تحاك فيها المؤامرات ” ص8. و العطفة مكان ذكرى الاعتقال و الخيانة و الدكاكين التي تشرئب منها الرؤوس كالفئران المتوحشة” ص11.
Ø بيت عليش :يدخله سعيد ليجد نفسه محاصرا بالمخبر و رجال عليش و باستقبال غير لائق ،خاصة عندما سترفضه طفلته سناء ،و هي التي كان مستعدا للتضحية من اجلها و تغيير حياته ،لكن غياب البيت/المأوى اضعف موقفه “لا تستطيع أن تاويها و لن تجد لنفسك مأوى” ص07. و لم تفده رغبته و نيته “بتهييء مكان طيب للبنت” ص20.هذا المكان لعب دورا خطيرا في تحويل مجرى الأحداث، فبسبب التعامل السيئ لعليش و أعوانه ،و نكران سناء لسعيد و فشل نيته بالتحول الايجابي من اجل طفلته، سيخرج سعيد منقلبا حيث أحس بان نكران الطفلة اقسى من غياهب السجن( ص18).
فبيت عليش كان يجسد – كمكان معاد- بؤرة الخيانة(الصديق/الزوجة) و قمة النكران (نكران سناء له).فهذا المكان كان مناسبا لتطور و نمو بذرة الانتقام في نفس مهران و التي ولدت داخل السجن بعد طلب زوجته الطلاق و ارتباطها بعليش.
v مقام الشيخ علي الجنيدي :
يعتبر هذا المكان بمثابة مقر او مؤسسة دينية “مكان للأناشيد و العبادة” ص24. ارتبط به سعيد منذ الطفولة من خلال ارتباط والده بطقوس العبادة مع الشيخ الجنيدي.
و هو مكان يحمل دلالات الانغلاق (خاص بالعبادة و الإيمان…) لكنه يدل على الانفتاح أيضا(لا باب مغلق في هذا المسكن العجيب” ص23. و هو بذلك يتيح لسعيد الدخول إليه لكنه سيظل مكانا خارجيا (عند الآخر).و مع ذلك فهو في بداية الرواية يصبح مكانا بديلا عن اللا مأوى ” بديلا عن السجن الذي غادره ،و عن بيته الذي فقده ،وعن البيوت الأخرى التي لم ترحب به”لا مؤاخذة لا مكان لي في الدنيا الا بيتك ص24.
وفي لقاء سعيد بالشيخ علي يلح على طلب بيت “ماوى” يحميه من التشرد و نواياه الجديدة بالانتقام ،لكن الشيخ ظل يحاوره بطريقة صوفية، لا تتوافق لغتها مع لغة الواقع الذي يعيشه سعيد، و لذلك سيصاب هذا الأخير باليأس حين يسمع :”أنت طالب بيت لا جواب/ص27″ و “ضعف الطالب و المطلوب”ص28.
v مقر جريدة “رؤوف علوان” وبيته : بعد يأسه من الشيخ و قضاء الليلة في مقره يتوجه سعيد مهران للبحث عن صديقه القديم “علوان” فيتوجه إلى مقر جريدته الجديدة بميدان المعارف بالدور الرابع (ص37) و هنا يشار إلى العلو و الارتقاء دلالة على تحول في مكانة صاحبه.وفي المصعد سيحس سعيد بالاغتراب”في المصعد وقف بين قوم بدا فيهم غريب
المنظر ببذلته الزرقاء و حذائه المطاط” ص37. و داخل هذا المكان المعادي سيحس بالتغيير الغريب :”حجرة السكرتيرة /اعتراض الساعي” ص38.و ببذخ المكان “حجرة كبيرة مستطيلة زجاجية الجدار” ص38 .مما سيجعله يتراجع عن لقاء صديقه و يحاو ل الاتصال به في مكان سكناه الجديد ” الفيلا رقم 18″ شارع النيل بحديقة و ثلاث جهات …(ص39). كل هذه الأوصاف للمكان تؤشر على تحول في الوضعية الاجتماعية لصديقه رؤوف علوان و خاصة وصف داخلها (ص ص 40-41) بعد استقبال رؤوف له.هذا الاستقبال الذي كان باردا يجسد المسافة الجديدة بين الصديقين القديمين، لذلك اعتبر سعيد المكان معاد له و قرر الانتقام بسرقته (ص 51/52/53) ، فأصبحت الفيلا فخا لاذلال سعيد(إلقاء القبض عليه و تهديده بالشرطة و استرجاع النقود التي ساعده بها رؤوف سابقا في الزيارة الأولى).اذن يضاف مكان الفيلا 18 إلى الأماكن المعادية لسعيد مهران و هو الذي كان يأمل في مساعدة صديقه(إيجاد عمل قار يضمن له الاستقرار) لكن هذا اللقاء بين الصديقين القديمين سيتحول الى بداية معركة شرسة في باقي الرواية.
v قهوة طرزان :إنها مكان الحفاوة في المرحلة الأولى “و قاموا قومة رجل واحد …و عانقوه و قبلوا وجنتيه” ص63.و ذلك بحكم العلاقة القديمة بين سعيد و طرزان فإذا كان رؤوف قد انقلب و خان الصداقة فان طرزان رمز للإخلاص ‘لا عاش من أحوجك الى الاعتذار ” ص65.و هو الذي سيوفر لسعيد السلاح و الدعم في مراحل لاحقة من صراعه مع خصومه/الكلاب : و يقدم هذا المكان الخارجي الخطير كمكان أمان بالنسبة لسعيد، يضاف إلى هذا أن تبات أهله على الصداقة “لم يتغير شيء كأنه تركها بالأمس” ص64.
و مقهى طرزان مكان الصديق الوفي يتموقع داخل فضاء اكبر منه :’و من خلال النافذة الكبيرة و الباب لاح الخلاء شاملا متراميا إلى غير نهاية و الظلام كثيفا لا تحفه بارقة’ ص65. هو فضاء “الغابة”بتعبير لوتمان لكنه لا يهدد سعيد – حتى الآن على الأقل – هناك اتفاق من طرف المتواجدين في المقهى على عدم وجود” مكان واحد في الارض ينعم بالطمأنينة” ص67.
بيت نور : استعمل الراحل “غالب هلسا” في إحدى دراساته النقدية – و هو الروائي المتمرس – في تحليله للشخصية النسائية في الكتابة الروائية تعبير :’المومس الفاضلة’ كناية على ‘شخصية المرأة’/الضحية التي يعتبرها القانون الاجتماعي / الأخلاقي’ ساقطة و ‘منحرفة’ في حين لا تخلو من “بعدها الإنساني”. و هذا الوصف مناسب جدا لشخصية “نور” في رواية “اللص و الكلاب” :ففي الوقت الذي يشمل نعت “كلاب” كل الشخصيات المقبولة اجتماعيا/أخلاقيا – حسب سعيد – فان “نور” تلعب دورا إنسانيا/دراميا في حياة البطل . فرغم سقوطها الفادح في براثين رذيلة المجتمع ،و احترافها للدعارة ،فانها تظل رمزا للنور في حياة سعيد المظلمة ! إنها الوحيدة التي تعرض على سعيد الاستقرار في بيتها” تعالى الى بيتي ” ص80.هذا البيت الذي سيصبح ” مأوى” البطل الهارب من كل الأشخاص وكل الأماكن. يتموقع هذا البيت في “شارع نجم الدين قرب باب النصر” ص80.وللنجم و النصر دلالة ايجابية ،لكنه يرتبط سلبا بالقرافة/المقبرة. انه ماوى تتساكن فيه الحميمية و الأمن مع الخوف و الترقب ، يدخل سعيد أو يخرج منه متسللا :” كان يغادر البيت في حذر …. و ازداد بمغادرة المخبأ وعيا بإحساس المطارد فشارك الفئران و الثعابين مشاعرها حين تتسلل” ص132.داخل هذا الماوى/المخبأ يحس البطل باطمئنان جزئي لان المكان لا يحقق له الاطمئنان الكلي كما هو في البيت/عندي (حسب لوتمان)ورد في ص118 :” و انتشر الظلام نعم انتشر الظلام في الحجرة و خارج النافذة و زاد صمت القبور صمتا و لا يمكن ان يضيء المصباح كي تبقى الشقة كما الفت الوجوه الكريهة… يجب ان تبقى الشقة صامتة كالقبر”. فسعيد محكوم عليه ان يعيش حالة سجن جديدة أي انعدام حرية الحركة و فتح النافذة و إشعال الأضواء خلال غياب “نور”، داخل الشقة الذي من المفروض ان يحقق الأمان يتساوى مع خارجها المغمور بالظلام، الداخل يصبح شبيها بالقبر فيفقد بذلك المكان المنغلق دلالاته الايجابية و يصبح المفتوح و المغلق معا بنفس الدلالة المعادية لإحساس سعيد . ولا يسترجع البيت معناه الايجابي سوى بعد عودة “نور” اذ يعود النور للاشتعال و تدب الحركة لطرد عزلة سعيد و تلون وقته “الذي قضاه بين الظلمة و النور” ص122. بالوان الحياة : الطعام و الشراب و الجرائد و الحوار حول أحوال الخارج /الشارع… و لكن الحالة تظل مؤقتة فكلما خرجت نور للغرق في أوحال المجتمع إلا و عادت حالة الاختناق التي يعيشها سعيد “ووقف في الظلام يطوقه صوت القبور ” ص178.و حين يرغب في تكسير عزلته يمضي” الى الشيش فينظر من خلاله الى القرافة و قد رقدت القبور تحت ضوء القمر ” ص178.و يولد المكان أحاسيس متضاربة في نفسية سعيد : “انأ هنا في مكان امن لن تمتد إليه عين البوليس” ص171.حين يحس بالأمان لكنه يحس بالاختناق تارة أخرى : ” لا فرق بيني و بينكم الا أني داخل القفص و انتم خارجه” ص179
الداخل/ الخارج :
1) السجن : - دخل سعيد السجن بسبب وشاية مساعده ‘عليش’بتواطؤ مع زوجته السابقة ‘نبوية’ و بذلك فقد مكانه الأساسي “البيت/عندي” فأصبح السجن مكانه الجديد هو الخارج/الداخل و لكنه مغاير”للبيت” الذي كان يمثل له”المأوى” ‘لن تجد لنفسك مأوى’ ص17/”لا مكان لي في الدنيا إلا بيتك (يخاطب الشيخ)” ص 24./ “لا أجد مكانا في الأرض” ص27. و فقدان سعيد لبيته/الداخل الحميمي تسبب في فقدان الأسرة(الزوجة/البنت)و فقدان المال (المدخرات)و الكتب أيضا التي كان يحبها و ظلت حاضرة و ملازمة له في جل مراحل الرواية.هذا الفقد خرب حياته و حساباته لان الخارج كسجن لم يكن سوى مكانا معاديا “جلد السجن ليس بالقسوة التي سببها له نكران طفلته” ص20 افقده أربع سنوات من حياته.مكان مغلق يكبل حريته و يلقي به في عزلة قاتلة (لم يزره احد من عائلته) و يجعله عاجزا عن الانتقام.
2) خارج السجن :
Ø الشارع :”غبار خانق و حر لا يطاق” ص7. و “لم يجد في انتظاره احد” ص7. و تستقبله “الطرقات المثقلة بالشمس” ص 07.
فرغم ان سعيد”يتنفس نسمة الحرية” ص7 فان الفضاء الخارج عن السجن يستقبله باكفهرار و سوداوية و بدون ترحاب، مما يوحد الدلالة السلبية للخارج/الشارع، و الداخل/السجن فكلاهما معاد للبطل و حتى الأماكن الأخرى المؤثثة للشارع :الحواري/العطفة/البيت/الدكاكين لا تقدم الا عبر مؤشرات سلبية و معادية :”الحواري التي تحاك فيها المؤامرات ” ص8. و العطفة مكان ذكرى الاعتقال و الخيانة و الدكاكين التي تشرئب منها الرؤوس كالفئران المتوحشة” ص11.
Ø بيت عليش :يدخله سعيد ليجد نفسه محاصرا بالمخبر و رجال عليش و باستقبال غير لائق ،خاصة عندما سترفضه طفلته سناء ،و هي التي كان مستعدا للتضحية من اجلها و تغيير حياته ،لكن غياب البيت/المأوى اضعف موقفه “لا تستطيع أن تاويها و لن تجد لنفسك مأوى” ص07. و لم تفده رغبته و نيته “بتهييء مكان طيب للبنت” ص20.هذا المكان لعب دورا خطيرا في تحويل مجرى الأحداث، فبسبب التعامل السيئ لعليش و أعوانه ،و نكران سناء لسعيد و فشل نيته بالتحول الايجابي من اجل طفلته، سيخرج سعيد منقلبا حيث أحس بان نكران الطفلة اقسى من غياهب السجن( ص18).
فبيت عليش كان يجسد – كمكان معاد- بؤرة الخيانة(الصديق/الزوجة) و قمة النكران (نكران سناء له).فهذا المكان كان مناسبا لتطور و نمو بذرة الانتقام في نفس مهران و التي ولدت داخل السجن بعد طلب زوجته الطلاق و ارتباطها بعليش.
v مقام الشيخ علي الجنيدي :
يعتبر هذا المكان بمثابة مقر او مؤسسة دينية “مكان للأناشيد و العبادة” ص24. ارتبط به سعيد منذ الطفولة من خلال ارتباط والده بطقوس العبادة مع الشيخ الجنيدي.
و هو مكان يحمل دلالات الانغلاق (خاص بالعبادة و الإيمان…) لكنه يدل على الانفتاح أيضا(لا باب مغلق في هذا المسكن العجيب” ص23. و هو بذلك يتيح لسعيد الدخول إليه لكنه سيظل مكانا خارجيا (عند الآخر).و مع ذلك فهو في بداية الرواية يصبح مكانا بديلا عن اللا مأوى ” بديلا عن السجن الذي غادره ،و عن بيته الذي فقده ،وعن البيوت الأخرى التي لم ترحب به”لا مؤاخذة لا مكان لي في الدنيا الا بيتك ص24.
وفي لقاء سعيد بالشيخ علي يلح على طلب بيت “ماوى” يحميه من التشرد و نواياه الجديدة بالانتقام ،لكن الشيخ ظل يحاوره بطريقة صوفية، لا تتوافق لغتها مع لغة الواقع الذي يعيشه سعيد، و لذلك سيصاب هذا الأخير باليأس حين يسمع :”أنت طالب بيت لا جواب/ص27″ و “ضعف الطالب و المطلوب”ص28.
v مقر جريدة “رؤوف علوان” وبيته : بعد يأسه من الشيخ و قضاء الليلة في مقره يتوجه سعيد مهران للبحث عن صديقه القديم “علوان” فيتوجه إلى مقر جريدته الجديدة بميدان المعارف بالدور الرابع (ص37) و هنا يشار إلى العلو و الارتقاء دلالة على تحول في مكانة صاحبه.وفي المصعد سيحس سعيد بالاغتراب”في المصعد وقف بين قوم بدا فيهم غريب
المنظر ببذلته الزرقاء و حذائه المطاط” ص37. و داخل هذا المكان المعادي سيحس بالتغيير الغريب :”حجرة السكرتيرة /اعتراض الساعي” ص38.و ببذخ المكان “حجرة كبيرة مستطيلة زجاجية الجدار” ص38 .مما سيجعله يتراجع عن لقاء صديقه و يحاو ل الاتصال به في مكان سكناه الجديد ” الفيلا رقم 18″ شارع النيل بحديقة و ثلاث جهات …(ص39). كل هذه الأوصاف للمكان تؤشر على تحول في الوضعية الاجتماعية لصديقه رؤوف علوان و خاصة وصف داخلها (ص ص 40-41) بعد استقبال رؤوف له.هذا الاستقبال الذي كان باردا يجسد المسافة الجديدة بين الصديقين القديمين، لذلك اعتبر سعيد المكان معاد له و قرر الانتقام بسرقته (ص 51/52/53) ، فأصبحت الفيلا فخا لاذلال سعيد(إلقاء القبض عليه و تهديده بالشرطة و استرجاع النقود التي ساعده بها رؤوف سابقا في الزيارة الأولى).اذن يضاف مكان الفيلا 18 إلى الأماكن المعادية لسعيد مهران و هو الذي كان يأمل في مساعدة صديقه(إيجاد عمل قار يضمن له الاستقرار) لكن هذا اللقاء بين الصديقين القديمين سيتحول الى بداية معركة شرسة في باقي الرواية.
v قهوة طرزان :إنها مكان الحفاوة في المرحلة الأولى “و قاموا قومة رجل واحد …و عانقوه و قبلوا وجنتيه” ص63.و ذلك بحكم العلاقة القديمة بين سعيد و طرزان فإذا كان رؤوف قد انقلب و خان الصداقة فان طرزان رمز للإخلاص ‘لا عاش من أحوجك الى الاعتذار ” ص65.و هو الذي سيوفر لسعيد السلاح و الدعم في مراحل لاحقة من صراعه مع خصومه/الكلاب : و يقدم هذا المكان الخارجي الخطير كمكان أمان بالنسبة لسعيد، يضاف إلى هذا أن تبات أهله على الصداقة “لم يتغير شيء كأنه تركها بالأمس” ص64.
و مقهى طرزان مكان الصديق الوفي يتموقع داخل فضاء اكبر منه :’و من خلال النافذة الكبيرة و الباب لاح الخلاء شاملا متراميا إلى غير نهاية و الظلام كثيفا لا تحفه بارقة’ ص65. هو فضاء “الغابة”بتعبير لوتمان لكنه لا يهدد سعيد – حتى الآن على الأقل – هناك اتفاق من طرف المتواجدين في المقهى على عدم وجود” مكان واحد في الارض ينعم بالطمأنينة” ص67.
بيت نور : استعمل الراحل “غالب هلسا” في إحدى دراساته النقدية – و هو الروائي المتمرس – في تحليله للشخصية النسائية في الكتابة الروائية تعبير :’المومس الفاضلة’ كناية على ‘شخصية المرأة’/الضحية التي يعتبرها القانون الاجتماعي / الأخلاقي’ ساقطة و ‘منحرفة’ في حين لا تخلو من “بعدها الإنساني”. و هذا الوصف مناسب جدا لشخصية “نور” في رواية “اللص و الكلاب” :ففي الوقت الذي يشمل نعت “كلاب” كل الشخصيات المقبولة اجتماعيا/أخلاقيا – حسب سعيد – فان “نور” تلعب دورا إنسانيا/دراميا في حياة البطل . فرغم سقوطها الفادح في براثين رذيلة المجتمع ،و احترافها للدعارة ،فانها تظل رمزا للنور في حياة سعيد المظلمة ! إنها الوحيدة التي تعرض على سعيد الاستقرار في بيتها” تعالى الى بيتي ” ص80.هذا البيت الذي سيصبح ” مأوى” البطل الهارب من كل الأشخاص وكل الأماكن. يتموقع هذا البيت في “شارع نجم الدين قرب باب النصر” ص80.وللنجم و النصر دلالة ايجابية ،لكنه يرتبط سلبا بالقرافة/المقبرة. انه ماوى تتساكن فيه الحميمية و الأمن مع الخوف و الترقب ، يدخل سعيد أو يخرج منه متسللا :” كان يغادر البيت في حذر …. و ازداد بمغادرة المخبأ وعيا بإحساس المطارد فشارك الفئران و الثعابين مشاعرها حين تتسلل” ص132.داخل هذا الماوى/المخبأ يحس البطل باطمئنان جزئي لان المكان لا يحقق له الاطمئنان الكلي كما هو في البيت/عندي (حسب لوتمان)ورد في ص118 :” و انتشر الظلام نعم انتشر الظلام في الحجرة و خارج النافذة و زاد صمت القبور صمتا و لا يمكن ان يضيء المصباح كي تبقى الشقة كما الفت الوجوه الكريهة… يجب ان تبقى الشقة صامتة كالقبر”. فسعيد محكوم عليه ان يعيش حالة سجن جديدة أي انعدام حرية الحركة و فتح النافذة و إشعال الأضواء خلال غياب “نور”، داخل الشقة الذي من المفروض ان يحقق الأمان يتساوى مع خارجها المغمور بالظلام، الداخل يصبح شبيها بالقبر فيفقد بذلك المكان المنغلق دلالاته الايجابية و يصبح المفتوح و المغلق معا بنفس الدلالة المعادية لإحساس سعيد . ولا يسترجع البيت معناه الايجابي سوى بعد عودة “نور” اذ يعود النور للاشتعال و تدب الحركة لطرد عزلة سعيد و تلون وقته “الذي قضاه بين الظلمة و النور” ص122. بالوان الحياة : الطعام و الشراب و الجرائد و الحوار حول أحوال الخارج /الشارع… و لكن الحالة تظل مؤقتة فكلما خرجت نور للغرق في أوحال المجتمع إلا و عادت حالة الاختناق التي يعيشها سعيد “ووقف في الظلام يطوقه صوت القبور ” ص178.و حين يرغب في تكسير عزلته يمضي” الى الشيش فينظر من خلاله الى القرافة و قد رقدت القبور تحت ضوء القمر ” ص178.و يولد المكان أحاسيس متضاربة في نفسية سعيد : “انأ هنا في مكان امن لن تمتد إليه عين البوليس” ص171.حين يحس بالأمان لكنه يحس بالاختناق تارة أخرى : ” لا فرق بيني و بينكم الا أني داخل القفص و انتم خارجه” ص179
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
هذا التمزق بين الإحساس بالأمن و الإحساس بالاختناق يجعل المكان يتلون بمشاعر الشخصية.لكن الغابة-حسب لوتمان- تظل اعم من “البيت” و اخطر منه في جميع الأحوال ،و هذه هي حالة سعيد داخل شقة نور، فهو حين يسعى إلى التخلص من اختناق البيت لا يرى خارجه سوى ما هو أسوا” ولم يجد من تسلية الا في النظر من الشيش إلى القرافة متابعة الجنازات و عد القبور / دون جدوى ” ص 187. أي مظاهر الموت
(الجنازات/القبور)أما الشارع العام ” فجنود الحكومة يملأونه ” ص181.انه تمزق في الأمكنة تعكسه تمزقات الذات، الداخل عذاب و الخارج خطر.
و حين تغيب نور في آخر الرواية عن البيت، تطرقه صاحبته للسؤال عن ثمن الكراء ،يفقد سعيد ما تبقى له من الأمان، تحاصره طرقات صاحبة البيت و الجوع و الظمأ و الانتظار و الحر و الظلام، فيصبح المكان في قمة المعاداة للشخصية، مما يضطرها الى الخروج للبحث عن مساعدة طرزان، لكن مقهى هذا الأخير لم تعد آمنة أيضا كما كانت فيما قبل ،فحين زارها أول مرة لم يكن قد بدا بعد في الانتقام و لم يقتل ضحيتين ،أما الآن فهو مطارد بتهمة قتل مزدوج. لذلك واجهه طرزان بالحقيقة المرة :” كن شديد الحذر لا يخلو شبر من مخبر” ص187. و حين فقد شقة نور و خرج منها متسللا، فقد أخر معقل له كان هو الأكثر أمانا، و لم يعد قادرا على زيارة مقهى طرزان ولا التجول في الشارع المسكون بالمخبرين” مما اضطره إلى العودة حيث الشيخ الجنيدي “كمرفأ مؤقت لأنه يعتبر”بيتا غير مأمون” ص204. و لكن افتقاده إلى شقة نور بين له قيمته فعاد لزيارته ليفاجأ انه أصبح محتلا من طرف ساكن جديد فتأكد من الضياع التام لذلك المكان الأكثر أمانا في حياته.
القرافة/ المقبرة :حين اشرنا الى بيت /شقة نور ارتبط هذا المكان- جغرافيا- بموقع الموت(الجنازات/القبور) ظلت حاضرة في نفسية سعيد مهران بل انه كان يحاور الأموات و يتأمل في الجنازات و يحصي القبور… و خلال زيارته الأخيرة لشقة نور، التي لم تعد كذلك، سيفاجأ بكمين الكلاب كما يحلو له أن يسميهم أي الشرطة ” أنت محاصر…القرافة كلها محاصرة” حينها “رأت عيناه المعذبتان بالخوف شبح الموت يشق الظلام” ص 212.
و تتحول المقبرة بالفعل الى قبر كبير يحتمي به” ارتمى أسفل القبر” ص217.لكن ما جدوى مقاومة الموت داخل مكان الموت !!! وبعد مقاومة يائسة سيستسلم و تكتمل دورة عدوانية الأماكن التي تساهم في وضع حد لرغبته في الانتقام و تحقيق عدالته المفقودة !
الغابة و البيت : من خلال تتبعنا لأهم الأماكن التي تجسدت داخلها صيرورة الاحداث الروائية في “اللص و الكلاب”يمكن اختصار بنية المكان في هذه الرواية من خلال مقولة لوتمان : “الغابة و البيت” :
Ø البيت/ الداخل :بيت سعيد__قبل السجن كان لصا محترفا كان له بيته مع اسرته(زوجته و طفلته).
__مكان حميمي/مغلق/الأمان.
__حب زوجته و طفلته.
__يحظى باحترام الجيران و اهل الحارة ظاهريا…
__لديه كتب و ممتلكات…
__حر و قادر على تحقيق عدالته.
__له علاقات…
ظل البيت مفتقدا طيلة الرواية…
الغابة/الخارج : باقي الأماكن (القرافة/فيلا رؤوف/ شقة نور/السجن مقهى طرزان/مقر الشيخ الجنيدي)الشوارع و الفضاءات الرابطة بينهما.
__بعد السجن حين أصبح سجينا .__فقد أسرته (زوجته و طفلته).
__الأماكن كلها معادية أو شبه معادية سواء كانت مغلقة(السجن/مقر الشيخ/قهوة طرزان/شقة نور/فيلا18) او مفتوحة(القرافة/الشوارع…).
__كراهية علوان و زوجته و عليش…
__تشن ضده حملة مسعورة كمجرم خطير..رغم تعاطف بعض الناس معه…
__فقد جزءا من كتبه و كل أمواله…
عاجز عن توفير متطلباته (ساعده طرزان و نور).
__مقيد و محاصر لا يستطيع تنفيذ انتقامه.
__فاشل في الانتقام(الخطأ في القتل).
__علاقاته جد محدودة (طرزان- نور – الشيخ…)
كل هذا نتج عن اختراق الحد الفاصل بين البيت و الغابة.
كل هذه الأماكن لم تعوض وظيفة البيت الحقيقي.و كلها تميزت بحملها لدلالات متناقضة.
(الجنازات/القبور)أما الشارع العام ” فجنود الحكومة يملأونه ” ص181.انه تمزق في الأمكنة تعكسه تمزقات الذات، الداخل عذاب و الخارج خطر.
و حين تغيب نور في آخر الرواية عن البيت، تطرقه صاحبته للسؤال عن ثمن الكراء ،يفقد سعيد ما تبقى له من الأمان، تحاصره طرقات صاحبة البيت و الجوع و الظمأ و الانتظار و الحر و الظلام، فيصبح المكان في قمة المعاداة للشخصية، مما يضطرها الى الخروج للبحث عن مساعدة طرزان، لكن مقهى هذا الأخير لم تعد آمنة أيضا كما كانت فيما قبل ،فحين زارها أول مرة لم يكن قد بدا بعد في الانتقام و لم يقتل ضحيتين ،أما الآن فهو مطارد بتهمة قتل مزدوج. لذلك واجهه طرزان بالحقيقة المرة :” كن شديد الحذر لا يخلو شبر من مخبر” ص187. و حين فقد شقة نور و خرج منها متسللا، فقد أخر معقل له كان هو الأكثر أمانا، و لم يعد قادرا على زيارة مقهى طرزان ولا التجول في الشارع المسكون بالمخبرين” مما اضطره إلى العودة حيث الشيخ الجنيدي “كمرفأ مؤقت لأنه يعتبر”بيتا غير مأمون” ص204. و لكن افتقاده إلى شقة نور بين له قيمته فعاد لزيارته ليفاجأ انه أصبح محتلا من طرف ساكن جديد فتأكد من الضياع التام لذلك المكان الأكثر أمانا في حياته.
القرافة/ المقبرة :حين اشرنا الى بيت /شقة نور ارتبط هذا المكان- جغرافيا- بموقع الموت(الجنازات/القبور) ظلت حاضرة في نفسية سعيد مهران بل انه كان يحاور الأموات و يتأمل في الجنازات و يحصي القبور… و خلال زيارته الأخيرة لشقة نور، التي لم تعد كذلك، سيفاجأ بكمين الكلاب كما يحلو له أن يسميهم أي الشرطة ” أنت محاصر…القرافة كلها محاصرة” حينها “رأت عيناه المعذبتان بالخوف شبح الموت يشق الظلام” ص 212.
و تتحول المقبرة بالفعل الى قبر كبير يحتمي به” ارتمى أسفل القبر” ص217.لكن ما جدوى مقاومة الموت داخل مكان الموت !!! وبعد مقاومة يائسة سيستسلم و تكتمل دورة عدوانية الأماكن التي تساهم في وضع حد لرغبته في الانتقام و تحقيق عدالته المفقودة !
الغابة و البيت : من خلال تتبعنا لأهم الأماكن التي تجسدت داخلها صيرورة الاحداث الروائية في “اللص و الكلاب”يمكن اختصار بنية المكان في هذه الرواية من خلال مقولة لوتمان : “الغابة و البيت” :
Ø البيت/ الداخل :بيت سعيد__قبل السجن كان لصا محترفا كان له بيته مع اسرته(زوجته و طفلته).
__مكان حميمي/مغلق/الأمان.
__حب زوجته و طفلته.
__يحظى باحترام الجيران و اهل الحارة ظاهريا…
__لديه كتب و ممتلكات…
__حر و قادر على تحقيق عدالته.
__له علاقات…
ظل البيت مفتقدا طيلة الرواية…
الغابة/الخارج : باقي الأماكن (القرافة/فيلا رؤوف/ شقة نور/السجن مقهى طرزان/مقر الشيخ الجنيدي)الشوارع و الفضاءات الرابطة بينهما.
__بعد السجن حين أصبح سجينا .__فقد أسرته (زوجته و طفلته).
__الأماكن كلها معادية أو شبه معادية سواء كانت مغلقة(السجن/مقر الشيخ/قهوة طرزان/شقة نور/فيلا18) او مفتوحة(القرافة/الشوارع…).
__كراهية علوان و زوجته و عليش…
__تشن ضده حملة مسعورة كمجرم خطير..رغم تعاطف بعض الناس معه…
__فقد جزءا من كتبه و كل أمواله…
عاجز عن توفير متطلباته (ساعده طرزان و نور).
__مقيد و محاصر لا يستطيع تنفيذ انتقامه.
__فاشل في الانتقام(الخطأ في القتل).
__علاقاته جد محدودة (طرزان- نور – الشيخ…)
كل هذا نتج عن اختراق الحد الفاصل بين البيت و الغابة.
كل هذه الأماكن لم تعوض وظيفة البيت الحقيقي.و كلها تميزت بحملها لدلالات متناقضة.
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
القوى الفاعلة في ‘اللص و الكلاب’ :
القوى البشرية او الشخصيات :اهم الشخصيات هي :سعيد مهران/نور/رؤوف علوان/و بدرجة اقل : الشيخ الجنيدي/طرزان/عليش/نبوية/سناء…و شخصيات اخرى كانت عابرة.
-1- سعيد مهران : يلعب دور البطولة الفردية في الرواية و هو الشخصية الاكثر حضورا في الرواية، يقدم بصورة مركبة/مفارقة فهو لص يبحث عن العدالة الاجتماعية بوسائل غير مقبولة اجتماعيا و قانونيا (حسب المجتمع).و هو بذلك يشبه بطل لوكا تش الاشكالي : متعلم و له حس ثوري يبحث عن قيم اصيلة(العدالة) في مجتمع متدهور (مجتمع الخيانة و الكلاب) : و تنتهي حياته نهاية ماساوية (الاستسلام الى الشرطة يهدده بالسجن المؤبد او المشنقة).
و هو جوهر شبكة العلاقات داخل الرواية :
نور رؤوف
الاب عليش
علاقات+ايجابية = الشيخ سعيد مهران الزوجة = علاقات – سلبية/ دور -
سناء الكلاب
طرزان
-2- نور : اذا كان اسم سعيد لا يعكس حقيقة حياته (الشقاء) فان دلالة اسم نور ايجابي في حياة سعيد رغم انها تعيش في ظلمة المجتمع(الدعارة).وهي تلعب دور المساعد لسعيد تحميه من الضياع وتستقبله في شقتها . تتميز هذه الشخصية ايضا بالمفارقة “المومس الفاضلة ” فهي غارقة في اوحال المجتمع (الدعارة) لكنها انسانية في التعامل مع سعيد و لا تمارس الخيانة ضده، فهل هذا صدق منها ام طمع في استرجاع الحبيب القديم؟؟
ان شخصية نور نموذج للمراة داخل الرواية العربية ففي مقابل نبوية التي ترمز للمراة الخائنة من منظور سعيد و المقبولة اجتماعيا، تقدم نور كنموذج اجتماعي يجمع بين الضحية/المذنبة فهي من منظور سعيد “ملاك” و من منظور المجتمع “شيطان”. و في المفارقة تكمن عبقرية نجيب محفوظ لانه يبرز المجتمع من خلال تناقضاته ،من خلال البحث عن الانساني في “المجرم” و الاجرامي في “السوي”.
-3- رؤوف علوان : هو ايضا شخصية المفارقة بامتياز، فبعد ان كان طالبا بدويا مجدا يؤمن بالافكار الثورية و العدالة الاجتماعية و النضال ‘كان فتية يتدربون على القتال ثياب رثة و ضمائر نقية و ساكن قصر رقو18 كان على راسهم’ ص67.
سينقلب الى بورجوازي منكر لماضيه النضالي و مكرس للظلم الاجتماعي و ناكر للصداقة. بل سيتحول الى اكبر عدو لسعيد( مهاجمته بواسطة جريدة الزهرة و كشف تاريخه في اللصوصية و الاجرام). و عبر هذه الشخصية يفضح محفوظ نماذج المجتمع المصري خلال المرحلة الناصرية. كما يعري مظاهر النفاق و الزيف في العلاقات الاجتماعية. ففي الوقت الذي يخون الصديق القديم رؤوف علوان صديقه سعيد، و هو الذي كان يعتبره نموذجا للنضال و الصدق بل هو رمز للمثقف “العضوي” الذي يمزج الفكر بالعمل من خلال منبر’ مجلة الندير’، هذا الندير الذي تحول الى’ الزهرة’ كجريدة /منبر جديد يعبر عن افكار مناقضة لافكار الماضي.نجد في نفس الوقت نور تحافظ على حبها القديم لسعيد و تجدد الاخلاص له ،هذه المراة التي تمثل قاع المجتمع و هي مجرد انسانة بسيطة لا علاقة لها بالنضال و الثقافة.و من خلال هذين الشخصيتين الاساسيتين في الرواية ترسم علاقة ذات حدين متناقضين :
_نور : -الاخلاص/المساعدة/الحب******************* سعيد مهران.
رؤوف علوان الخيانة/النكران/التهديد والكراهية**************
اما باقي الشخصيات الثانوية : سناء / نبوية/ عليش/ الشيخ/ طرزان/ فانها لا تخلو من اهمية بحيث يكمل وجودها وجود ‘سعيد’ إما سلبا او إيجابا .
4_سناء : ‘ابنتي أنكرتني’ ص27. يقول سعيد للشيخ و يعتبر ان ‘جلد السجن ليس بالقسوة التي سببها له نكران طفلته’ ص 18. ثم بمرارة يقول : ‘سناء الشوكة المغروزة في قلبي’ ص85. فرغم غياب الطفلة في معظم الاحداث و رغم غياب صوتها فإنها كصورة و كحالة نفسية حاضرة حضورا مزمنا في حياة ‘مهران’ بل هي دافع قوي للتحول فبعد ان كان – قبل النكران- مستعدا للبحث عن عمل شريف و توفير ‘مكان نظيف’ لطفلته سينحرف نحو طريق الانتقام لانقاذها من جو الخيانة الذي تربيها فيه نبوية و عليش.
5- نبوية : تحضر في الرواية عبر صورتين متناقضتين ،فهي قبل مرحلة السجن الزوجة الوفية و ام الطفلة العزيزة سناء، و الحبيبة التي ربطت سعيد بها قصة حب رومانسية ،تحت النخلة و بالقرب من بيت المرأة التركية مشغلة نبوية.لكنها بعد السجن ستصبح الزوجة الخائنة في عيني سعيد، لأنها طلبت الطلاق منه و تزوجت ‘صبيه عليش’ ليتأكد ضلوعهما في مؤامرة الوشاية.
من المنظور الاجتماعي تظهر انها امراة “سترت نفسها” بالحلال لكن عمق الامور يظهر انها كانت لهاعلاقة ما بعليش حتى قبل سجن سعيد،و هذا تخمين حاضر في ذهن سعيد.
إنها الشخصية النسائية الثانية بعد نور، و تلعب دورا سلبيا في حياة سعيد، و تمثل احد أهداف انتقامه .و هي أيضا نموذجا للمفارقة خاصة إذا قورنت بنور. فلو حافظت على بيت سعيد و ممتلكاته و ابنته لكان أفقا آخر لحياته….
-6-عليش لقد مارس قتل الأب بمعنى ما، واستولى على زوجته وممتلكاته؟ فسعيد كان سيده وولي نعمه، وكان عليش لصا صغيرا في خدمة لص كبير و محترف.ولكن الكاتب لا يقدم لنا معطيات كافية حول دوافع عليش، فباستثناء قوله انه ” قام بالواجب”، أي صون عرض نبوية و التكفل بطفلتها ، فانه لا يفصح عن أية دوافع للانتقام من سعيد. في حين يقدم عليش من منظور سعيد ” كصبي ” او مساعد خائن ومتآمر ، ويصبح طريدة له.
-7- الشيخ علي الجنيدي رجل دين، وهو نموذج يحضر بكثرة في أعمال أخرى لمحفوظ ، يرمز الى النضج الروحي ، والترفع عن تفاهات الحياة المادية، لا يتردد في مساعدة مهران في حدود الممكن ( المبيت/ الطعام/ النصح )، ولكن لغته و أفكاره الصوفية يظلان بعيدان عن واقع سعيد مهران ، وربما يشير الكاتب عبر ذلك الى فشل الحل الروحي ، في تجاوز أزمة الواقع الاجتماعي المتعفن في تلك المرحلة التاريخية.
-8-طرزان قهوته مكان خطير ، تبرم فيها صفقات المخدرات وبيع السلاح …بمعنى انه ينتمي الى فئة المهربين ، وما القهوة سوى غطاء لأنشطة أخرى…لذلك له علاقة وطيدة باللص سعيد. ولكن الغريب أن مثل هذه الفئات الخطيرة في المجتمع تنسج علاقات مبنية على ” الإخلاص” و التعاون و الصدق ، وتلتزم بذلك أكثر من التزام فئات أخرى مقبولة اجتماعيا (الزوجة/ المثقف). فطرزان أيضا مثال للمفارفة في بنية الشخصيات، يمارس إخلاصه لسعيد فيما هو خطير ( القتل بالسلاح…)، بدون ان يناقشه في الأمر او يعارضه، انه شخصية مساعدة لسعيد مهران ، ونافذة على فئات اجتماعية مختلفة في المجتمع المصري…
البعيد يساعد الشيخ عليش القريب يخون
سناء=النكران
سعيد مهران
طرزان نبوية
المساعدة + التمزق # العرقلة - و هكذا نخلص في نهاية تحليل الشخصيات إلى استخلاص الخطاطة التالية :
البعيد يساعد/الشيخ- طرزان*المساعدة***** سعيد/ التمزق*******القريب يخون/عليش-نبوية-رؤوف/ العرقلة..
فالخطاطة تتشكل من ثلاثة مثلثات أصغرها هو بؤرة الخطاطة ، وهو الذي يتشكل من تقاطع الشخصيات الرئيسية الثلات سعيد/ نور.
و رؤوف. والمثلث الثاني ( متوسطها) يتشكل من الشخصيات الثانوية( سناء- طرزان- الشيخ- عليش ونبوية)، في حين يبقى المثلث الاكبر والثالث منفتحا على كل الشخصيات العابرة ، وعلى جميع الكلاب كما يقول سعيد..
القوى البشرية او الشخصيات :اهم الشخصيات هي :سعيد مهران/نور/رؤوف علوان/و بدرجة اقل : الشيخ الجنيدي/طرزان/عليش/نبوية/سناء…و شخصيات اخرى كانت عابرة.
-1- سعيد مهران : يلعب دور البطولة الفردية في الرواية و هو الشخصية الاكثر حضورا في الرواية، يقدم بصورة مركبة/مفارقة فهو لص يبحث عن العدالة الاجتماعية بوسائل غير مقبولة اجتماعيا و قانونيا (حسب المجتمع).و هو بذلك يشبه بطل لوكا تش الاشكالي : متعلم و له حس ثوري يبحث عن قيم اصيلة(العدالة) في مجتمع متدهور (مجتمع الخيانة و الكلاب) : و تنتهي حياته نهاية ماساوية (الاستسلام الى الشرطة يهدده بالسجن المؤبد او المشنقة).
و هو جوهر شبكة العلاقات داخل الرواية :
نور رؤوف
الاب عليش
علاقات+ايجابية = الشيخ سعيد مهران الزوجة = علاقات – سلبية/ دور -
سناء الكلاب
طرزان
-2- نور : اذا كان اسم سعيد لا يعكس حقيقة حياته (الشقاء) فان دلالة اسم نور ايجابي في حياة سعيد رغم انها تعيش في ظلمة المجتمع(الدعارة).وهي تلعب دور المساعد لسعيد تحميه من الضياع وتستقبله في شقتها . تتميز هذه الشخصية ايضا بالمفارقة “المومس الفاضلة ” فهي غارقة في اوحال المجتمع (الدعارة) لكنها انسانية في التعامل مع سعيد و لا تمارس الخيانة ضده، فهل هذا صدق منها ام طمع في استرجاع الحبيب القديم؟؟
ان شخصية نور نموذج للمراة داخل الرواية العربية ففي مقابل نبوية التي ترمز للمراة الخائنة من منظور سعيد و المقبولة اجتماعيا، تقدم نور كنموذج اجتماعي يجمع بين الضحية/المذنبة فهي من منظور سعيد “ملاك” و من منظور المجتمع “شيطان”. و في المفارقة تكمن عبقرية نجيب محفوظ لانه يبرز المجتمع من خلال تناقضاته ،من خلال البحث عن الانساني في “المجرم” و الاجرامي في “السوي”.
-3- رؤوف علوان : هو ايضا شخصية المفارقة بامتياز، فبعد ان كان طالبا بدويا مجدا يؤمن بالافكار الثورية و العدالة الاجتماعية و النضال ‘كان فتية يتدربون على القتال ثياب رثة و ضمائر نقية و ساكن قصر رقو18 كان على راسهم’ ص67.
سينقلب الى بورجوازي منكر لماضيه النضالي و مكرس للظلم الاجتماعي و ناكر للصداقة. بل سيتحول الى اكبر عدو لسعيد( مهاجمته بواسطة جريدة الزهرة و كشف تاريخه في اللصوصية و الاجرام). و عبر هذه الشخصية يفضح محفوظ نماذج المجتمع المصري خلال المرحلة الناصرية. كما يعري مظاهر النفاق و الزيف في العلاقات الاجتماعية. ففي الوقت الذي يخون الصديق القديم رؤوف علوان صديقه سعيد، و هو الذي كان يعتبره نموذجا للنضال و الصدق بل هو رمز للمثقف “العضوي” الذي يمزج الفكر بالعمل من خلال منبر’ مجلة الندير’، هذا الندير الذي تحول الى’ الزهرة’ كجريدة /منبر جديد يعبر عن افكار مناقضة لافكار الماضي.نجد في نفس الوقت نور تحافظ على حبها القديم لسعيد و تجدد الاخلاص له ،هذه المراة التي تمثل قاع المجتمع و هي مجرد انسانة بسيطة لا علاقة لها بالنضال و الثقافة.و من خلال هذين الشخصيتين الاساسيتين في الرواية ترسم علاقة ذات حدين متناقضين :
_نور : -الاخلاص/المساعدة/الحب******************* سعيد مهران.
رؤوف علوان الخيانة/النكران/التهديد والكراهية**************
اما باقي الشخصيات الثانوية : سناء / نبوية/ عليش/ الشيخ/ طرزان/ فانها لا تخلو من اهمية بحيث يكمل وجودها وجود ‘سعيد’ إما سلبا او إيجابا .
4_سناء : ‘ابنتي أنكرتني’ ص27. يقول سعيد للشيخ و يعتبر ان ‘جلد السجن ليس بالقسوة التي سببها له نكران طفلته’ ص 18. ثم بمرارة يقول : ‘سناء الشوكة المغروزة في قلبي’ ص85. فرغم غياب الطفلة في معظم الاحداث و رغم غياب صوتها فإنها كصورة و كحالة نفسية حاضرة حضورا مزمنا في حياة ‘مهران’ بل هي دافع قوي للتحول فبعد ان كان – قبل النكران- مستعدا للبحث عن عمل شريف و توفير ‘مكان نظيف’ لطفلته سينحرف نحو طريق الانتقام لانقاذها من جو الخيانة الذي تربيها فيه نبوية و عليش.
5- نبوية : تحضر في الرواية عبر صورتين متناقضتين ،فهي قبل مرحلة السجن الزوجة الوفية و ام الطفلة العزيزة سناء، و الحبيبة التي ربطت سعيد بها قصة حب رومانسية ،تحت النخلة و بالقرب من بيت المرأة التركية مشغلة نبوية.لكنها بعد السجن ستصبح الزوجة الخائنة في عيني سعيد، لأنها طلبت الطلاق منه و تزوجت ‘صبيه عليش’ ليتأكد ضلوعهما في مؤامرة الوشاية.
من المنظور الاجتماعي تظهر انها امراة “سترت نفسها” بالحلال لكن عمق الامور يظهر انها كانت لهاعلاقة ما بعليش حتى قبل سجن سعيد،و هذا تخمين حاضر في ذهن سعيد.
إنها الشخصية النسائية الثانية بعد نور، و تلعب دورا سلبيا في حياة سعيد، و تمثل احد أهداف انتقامه .و هي أيضا نموذجا للمفارقة خاصة إذا قورنت بنور. فلو حافظت على بيت سعيد و ممتلكاته و ابنته لكان أفقا آخر لحياته….
-6-عليش لقد مارس قتل الأب بمعنى ما، واستولى على زوجته وممتلكاته؟ فسعيد كان سيده وولي نعمه، وكان عليش لصا صغيرا في خدمة لص كبير و محترف.ولكن الكاتب لا يقدم لنا معطيات كافية حول دوافع عليش، فباستثناء قوله انه ” قام بالواجب”، أي صون عرض نبوية و التكفل بطفلتها ، فانه لا يفصح عن أية دوافع للانتقام من سعيد. في حين يقدم عليش من منظور سعيد ” كصبي ” او مساعد خائن ومتآمر ، ويصبح طريدة له.
-7- الشيخ علي الجنيدي رجل دين، وهو نموذج يحضر بكثرة في أعمال أخرى لمحفوظ ، يرمز الى النضج الروحي ، والترفع عن تفاهات الحياة المادية، لا يتردد في مساعدة مهران في حدود الممكن ( المبيت/ الطعام/ النصح )، ولكن لغته و أفكاره الصوفية يظلان بعيدان عن واقع سعيد مهران ، وربما يشير الكاتب عبر ذلك الى فشل الحل الروحي ، في تجاوز أزمة الواقع الاجتماعي المتعفن في تلك المرحلة التاريخية.
-8-طرزان قهوته مكان خطير ، تبرم فيها صفقات المخدرات وبيع السلاح …بمعنى انه ينتمي الى فئة المهربين ، وما القهوة سوى غطاء لأنشطة أخرى…لذلك له علاقة وطيدة باللص سعيد. ولكن الغريب أن مثل هذه الفئات الخطيرة في المجتمع تنسج علاقات مبنية على ” الإخلاص” و التعاون و الصدق ، وتلتزم بذلك أكثر من التزام فئات أخرى مقبولة اجتماعيا (الزوجة/ المثقف). فطرزان أيضا مثال للمفارفة في بنية الشخصيات، يمارس إخلاصه لسعيد فيما هو خطير ( القتل بالسلاح…)، بدون ان يناقشه في الأمر او يعارضه، انه شخصية مساعدة لسعيد مهران ، ونافذة على فئات اجتماعية مختلفة في المجتمع المصري…
البعيد يساعد الشيخ عليش القريب يخون
سناء=النكران
سعيد مهران
طرزان نبوية
المساعدة + التمزق # العرقلة - و هكذا نخلص في نهاية تحليل الشخصيات إلى استخلاص الخطاطة التالية :
البعيد يساعد/الشيخ- طرزان*المساعدة***** سعيد/ التمزق*******القريب يخون/عليش-نبوية-رؤوف/ العرقلة..
فالخطاطة تتشكل من ثلاثة مثلثات أصغرها هو بؤرة الخطاطة ، وهو الذي يتشكل من تقاطع الشخصيات الرئيسية الثلات سعيد/ نور.
و رؤوف. والمثلث الثاني ( متوسطها) يتشكل من الشخصيات الثانوية( سناء- طرزان- الشيخ- عليش ونبوية)، في حين يبقى المثلث الاكبر والثالث منفتحا على كل الشخصيات العابرة ، وعلى جميع الكلاب كما يقول سعيد..
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
/القوى غير البشرية
الى جانب الدور الذي تلعبه الشخصيات ، فان الرواية تتوفر على قوى أخرى أساسية أهمها
*الكلاب وهي صفة لمجموع الشخصيات المخالفة لتطلعات سعيد في تحقيق العدالة الاجتماعية( نتذكر حادث المستشفى)، وقد تعني كل ما يرتبط بالمؤسسات الرسمية التي لا تكرس سوى الفوارق و أشكال الظلم.وهذه القوة التي تبدو هلامية ، وشبحية، تمارس نفوذا كبيرا على سعيد و تحركه بعنف ضدها، لذلك جاءت محاولات انتقامه عنيفة و طائشة لان تحالف الكلاب حاصره حصارا تاما. ولم يترك له فرصة تنفيد مخططه الانتقامي.
*الخيانة رغم أنها حالة شعورية مبنية على الكراهية، كراهية سعيد للخونة ( عليش- نبوية – رؤوف – وكل من يشبههم..)، فإنها تصبح قوة أساسية تحرك سعيد و توجه انفعالاته و طموحاته. وهو في السجن سيتلقى أولى طعنات الخيانة ( طلب التطليق من طرف نبوية)، ومعنى هذا تخليها عنه في عز محنته، هو الذي أحبها و ارتبط بها ارتباطا رومانسيا.ثم جاءت الطعنة الثانية بزواج نبوية بعليش، ليتأكد ان الخيانة كانت مزدوجة و مبنية على المؤامرة ( على الأقل من وجهت نظر سعيد )، ومعنى هذا ضياع طفلته التي ستتربى في كنف خائنيين. أما الطعنة الثالثة فقد جاءت من صديقه القديم( وأستاذه في النضال و المعرفة) رؤوف علوان ، الذي تنكر للمبادئ اولا ثم لسعيد ثانيا. هكذا تحولت الخيانة قوة مدمرة دفعت سعيد الى ارتكاب أخطاء جديدة ستقضي على أحلامه.
*الانتقام هو الرغبة في فرض ” عدالة سعيد الفردية/ الشخصية” بالقوة و العنف ، وهو وليد الخيانة و علاج لها.انه قوة مدمرة أيضا، يدفع سعيدا بعنف و عشوائة نحو أهداف غير دقيقة، وهو وسيلة سعيد لتصحيح أخطاء المجتمع( غياب العدالة)، لكنه ينتج ظلما جديدا بقتل أبرياء ينتمون إلى طبقة سعيد لا الى طبقة ” الكلاب”.
ربما تلك هي اهم القوى غير البشرية، التي تتقاطع مع القوى البشرية ، لتشكل نسيج النص ، ويمكن تصورها عبر الخطاطة التالية
خطاطة تركيبية للقوى الفاعلة في “اللص و الكلاب”
سناء طرزا ن
سعيد مهران
الكلاب رؤوف علوان
الخيانة لخيانة نبوية
الانتقام عليش
الشيخ نور
تقاطع هذه القوى في حياة سعيد مهران هو الذي ينتج المأساة ،فبعض هذه القوى تمارس شحنا نفسيا لسعيد وتمثل دافعا، وبعضها تمثل أطرافا يتعلق بها سعيد، والأخرى تمثل أهدافا للانتقام من طرفه…
*البطولة الفردية في ” اللص و الكلاب”
اختار الكاتب بطلا فرديا في روايته، ليعالج قضية شائكة في المجتمع المصري و كل مجتمع شبيه به.فاذا كانت قضية العدالة الاجتماعية ترتبط بكل مكونات المجتمع ( الأفراد- الجماعات- المؤسسات السلطوية- الإعلام – الفئات المختلفة..)، فان وعي سعيد الفردي يختزلها في ذاته المفردة، بحيث يسعى الى التغيير بوسائله الخاصة الفردية المحدودة ( سلاح/ مسدس) ، لكنه يواجه رفضا جماعيا فعليا من طرف الشرطة و الإعلام ( الزهرة/ علوان)، ورغم التعاطف الشكلي من طرف الرأي العام ، فان سعيد يفشل في رهانه الكبير( قتل الخونة و تطهير المجتمع منهم).
ولذلك يبدو الوعي الفردي عند سعيد مأزوما، وغير مجد، فيشبه بذلك” البطل الإشكالي” عند لوكاتش، بطل متعلم/ مثقف، بوعي متمرد وثوري، يسعى الى تغيير واقع متري، فيبحث عن قيم أصيلة في مجتمع منهار، ليكون مصيره مأساويا( الاستسلام).
تشكل الحالة النفسية للشخصيات محورا أساسيا في الكتابة الروائية ، بحيث يبني الروائي عالمه بإظهارها و إبرازها، فتصبح بذلك مكونا أساسيا لفهم الرواية. ونجيب محفوظ معروف بحرصه الشديد على بناء العوالم النفسية لشخصياته. وكذلك هو الأمر في ” اللص والكلاب” ، فهي رواية نفسية بامتياز.فكيف تجلت الأبعاد النفسية في هذه الرواية؟؟
الى جانب الدور الذي تلعبه الشخصيات ، فان الرواية تتوفر على قوى أخرى أساسية أهمها
*الكلاب وهي صفة لمجموع الشخصيات المخالفة لتطلعات سعيد في تحقيق العدالة الاجتماعية( نتذكر حادث المستشفى)، وقد تعني كل ما يرتبط بالمؤسسات الرسمية التي لا تكرس سوى الفوارق و أشكال الظلم.وهذه القوة التي تبدو هلامية ، وشبحية، تمارس نفوذا كبيرا على سعيد و تحركه بعنف ضدها، لذلك جاءت محاولات انتقامه عنيفة و طائشة لان تحالف الكلاب حاصره حصارا تاما. ولم يترك له فرصة تنفيد مخططه الانتقامي.
*الخيانة رغم أنها حالة شعورية مبنية على الكراهية، كراهية سعيد للخونة ( عليش- نبوية – رؤوف – وكل من يشبههم..)، فإنها تصبح قوة أساسية تحرك سعيد و توجه انفعالاته و طموحاته. وهو في السجن سيتلقى أولى طعنات الخيانة ( طلب التطليق من طرف نبوية)، ومعنى هذا تخليها عنه في عز محنته، هو الذي أحبها و ارتبط بها ارتباطا رومانسيا.ثم جاءت الطعنة الثانية بزواج نبوية بعليش، ليتأكد ان الخيانة كانت مزدوجة و مبنية على المؤامرة ( على الأقل من وجهت نظر سعيد )، ومعنى هذا ضياع طفلته التي ستتربى في كنف خائنيين. أما الطعنة الثالثة فقد جاءت من صديقه القديم( وأستاذه في النضال و المعرفة) رؤوف علوان ، الذي تنكر للمبادئ اولا ثم لسعيد ثانيا. هكذا تحولت الخيانة قوة مدمرة دفعت سعيد الى ارتكاب أخطاء جديدة ستقضي على أحلامه.
*الانتقام هو الرغبة في فرض ” عدالة سعيد الفردية/ الشخصية” بالقوة و العنف ، وهو وليد الخيانة و علاج لها.انه قوة مدمرة أيضا، يدفع سعيدا بعنف و عشوائة نحو أهداف غير دقيقة، وهو وسيلة سعيد لتصحيح أخطاء المجتمع( غياب العدالة)، لكنه ينتج ظلما جديدا بقتل أبرياء ينتمون إلى طبقة سعيد لا الى طبقة ” الكلاب”.
ربما تلك هي اهم القوى غير البشرية، التي تتقاطع مع القوى البشرية ، لتشكل نسيج النص ، ويمكن تصورها عبر الخطاطة التالية
خطاطة تركيبية للقوى الفاعلة في “اللص و الكلاب”
سناء طرزا ن
سعيد مهران
الكلاب رؤوف علوان
الخيانة لخيانة نبوية
الانتقام عليش
الشيخ نور
تقاطع هذه القوى في حياة سعيد مهران هو الذي ينتج المأساة ،فبعض هذه القوى تمارس شحنا نفسيا لسعيد وتمثل دافعا، وبعضها تمثل أطرافا يتعلق بها سعيد، والأخرى تمثل أهدافا للانتقام من طرفه…
*البطولة الفردية في ” اللص و الكلاب”
اختار الكاتب بطلا فرديا في روايته، ليعالج قضية شائكة في المجتمع المصري و كل مجتمع شبيه به.فاذا كانت قضية العدالة الاجتماعية ترتبط بكل مكونات المجتمع ( الأفراد- الجماعات- المؤسسات السلطوية- الإعلام – الفئات المختلفة..)، فان وعي سعيد الفردي يختزلها في ذاته المفردة، بحيث يسعى الى التغيير بوسائله الخاصة الفردية المحدودة ( سلاح/ مسدس) ، لكنه يواجه رفضا جماعيا فعليا من طرف الشرطة و الإعلام ( الزهرة/ علوان)، ورغم التعاطف الشكلي من طرف الرأي العام ، فان سعيد يفشل في رهانه الكبير( قتل الخونة و تطهير المجتمع منهم).
ولذلك يبدو الوعي الفردي عند سعيد مأزوما، وغير مجد، فيشبه بذلك” البطل الإشكالي” عند لوكاتش، بطل متعلم/ مثقف، بوعي متمرد وثوري، يسعى الى تغيير واقع متري، فيبحث عن قيم أصيلة في مجتمع منهار، ليكون مصيره مأساويا( الاستسلام).
تشكل الحالة النفسية للشخصيات محورا أساسيا في الكتابة الروائية ، بحيث يبني الروائي عالمه بإظهارها و إبرازها، فتصبح بذلك مكونا أساسيا لفهم الرواية. ونجيب محفوظ معروف بحرصه الشديد على بناء العوالم النفسية لشخصياته. وكذلك هو الأمر في ” اللص والكلاب” ، فهي رواية نفسية بامتياز.فكيف تجلت الأبعاد النفسية في هذه الرواية؟؟
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
البعد النفسي من خلال شخصية “سعيد مهران”:
العناصر السيكولوجية تشكل صورة الشخصية انطلاقا من حركاتها و سلوكاتها و مواقفها وأوصافها.
ولعل سعيد أهم شخصيات الرواية التي يرسم لها الكاتب صورة نفسية متعددة الألوان و الأبعاد ولعل حالته النفسية المشحونة و المتقلبة متولدة عن عوامل داخلية ( تعود إلى طفولته وأيام معاناته)، او الى عوامل خارجية، وهي كثيرة ( الصراع مع خصومه)
*التمزق النفسي فهو يعيش بين حالتين متناقضتين
سعيد مهران
حالة 1 2 حالة
-الحب - الكراهية
-الاستقرار ≠ - اللاستقرار
- الأمل/الحلم -التشاؤم و الإحباط
- العدوانية/الانتقام .
- حبه لزوجته أيام الرومانسية - كراهية زوجته و أصدقائه
- حبه لأسرته(زوجته+طفلته) - كراهية رفض طفلته
- الاستقرار المادي - انعدام الاستقرار(الحاجة للمال والسكن)
- ممارسة الانتقام من الظلم/أمل التغيير - الفشل في التغيير/الانتقام.(سرقة البورجوازيين/الكلاب) - الفشل في العيش مع طفلته.
- الحلم بالعيش مع طفلته - الفشل في الحصول على مهنة جديدة(حياة جديدة)
-ا الأمل في حياة جديدة بعد السجن هو رغبة نفسية عدوانية يحملها سعيد اتجاه ” الكلاب” الخونة، كما يحملها خصومه ضده., الانتقام وهي حالة ولدت بعد عجزه عن استرجاع حقوقه( طفلته- كتبه- امواله)، و عجزه عن تغيير مسار حياته ( الحصول على عمل جديد يضمن لطفلته العيش الكريم). حالة العجز هذه انفجرت كبركان داخل نفسه ؛ فتحولت الى نية/ فعل القتل ( محاولة قتل عليش/علوان- قتل الساكن الجديد/ البواب). وبهذا يكون الانتقام حالة عنف نفسي جسدت الرغبة الملحاحة عند سعيد في التغيير الفردي بواسطة العنف.
سعيد مهران
قبل السجن بعد السجن
↕ ↕
الانتقام/السرقة الانتقام/القتل
↕ ↕
سلب ممتلكات الكلاب السعي إلى سلب
أرواحهم
↕ ↕
الانتقام يحقق أهدافه الخطأ= قتل أبرياء
↕
الانتقام لا يحقق أهدافه.
التحول السلبي
(درامي عنيف).
كراهية الخيانة: حالة نفسية حادة عند مهران , فبسببها يتولد الانتقام و حالة التمزق السابقين.
سعيد مهران
كراهية كراهية خيانة المساعد/الصبي
خيانة الزوجة عليش
نبوية
كراهية خيانة
الصديق/الأستاذ
للمبادئ( رؤوف علوان)
: ملحوظة يعيش سعيد حالة كراهية مطلقة للخيانة داخل ثالوث ( علوان/عليش/نبوية). ثم داخل إطار أوسع هو كراهية خيانة الكلاب/ ظلم المجتمع.
الأبعاد التاريخية و الاجتماعية في ” اللص و الكلاب” لا تخلو رواية من وقائع تاريخية و اجتماعية ، لان الشخصيات التي جسدت أحداثها هي كائنات تاريخية/اجتماعية ، حتى وان اوغلت في الرمزية و التجريد.
العناصر السيكولوجية تشكل صورة الشخصية انطلاقا من حركاتها و سلوكاتها و مواقفها وأوصافها.
ولعل سعيد أهم شخصيات الرواية التي يرسم لها الكاتب صورة نفسية متعددة الألوان و الأبعاد ولعل حالته النفسية المشحونة و المتقلبة متولدة عن عوامل داخلية ( تعود إلى طفولته وأيام معاناته)، او الى عوامل خارجية، وهي كثيرة ( الصراع مع خصومه)
*التمزق النفسي فهو يعيش بين حالتين متناقضتين
سعيد مهران
حالة 1 2 حالة
-الحب - الكراهية
-الاستقرار ≠ - اللاستقرار
- الأمل/الحلم -التشاؤم و الإحباط
- العدوانية/الانتقام .
- حبه لزوجته أيام الرومانسية - كراهية زوجته و أصدقائه
- حبه لأسرته(زوجته+طفلته) - كراهية رفض طفلته
- الاستقرار المادي - انعدام الاستقرار(الحاجة للمال والسكن)
- ممارسة الانتقام من الظلم/أمل التغيير - الفشل في التغيير/الانتقام.(سرقة البورجوازيين/الكلاب) - الفشل في العيش مع طفلته.
- الحلم بالعيش مع طفلته - الفشل في الحصول على مهنة جديدة(حياة جديدة)
-ا الأمل في حياة جديدة بعد السجن هو رغبة نفسية عدوانية يحملها سعيد اتجاه ” الكلاب” الخونة، كما يحملها خصومه ضده., الانتقام وهي حالة ولدت بعد عجزه عن استرجاع حقوقه( طفلته- كتبه- امواله)، و عجزه عن تغيير مسار حياته ( الحصول على عمل جديد يضمن لطفلته العيش الكريم). حالة العجز هذه انفجرت كبركان داخل نفسه ؛ فتحولت الى نية/ فعل القتل ( محاولة قتل عليش/علوان- قتل الساكن الجديد/ البواب). وبهذا يكون الانتقام حالة عنف نفسي جسدت الرغبة الملحاحة عند سعيد في التغيير الفردي بواسطة العنف.
سعيد مهران
قبل السجن بعد السجن
↕ ↕
الانتقام/السرقة الانتقام/القتل
↕ ↕
سلب ممتلكات الكلاب السعي إلى سلب
أرواحهم
↕ ↕
الانتقام يحقق أهدافه الخطأ= قتل أبرياء
↕
الانتقام لا يحقق أهدافه.
التحول السلبي
(درامي عنيف).
كراهية الخيانة: حالة نفسية حادة عند مهران , فبسببها يتولد الانتقام و حالة التمزق السابقين.
سعيد مهران
كراهية كراهية خيانة المساعد/الصبي
خيانة الزوجة عليش
نبوية
كراهية خيانة
الصديق/الأستاذ
للمبادئ( رؤوف علوان)
: ملحوظة يعيش سعيد حالة كراهية مطلقة للخيانة داخل ثالوث ( علوان/عليش/نبوية). ثم داخل إطار أوسع هو كراهية خيانة الكلاب/ ظلم المجتمع.
الأبعاد التاريخية و الاجتماعية في ” اللص و الكلاب” لا تخلو رواية من وقائع تاريخية و اجتماعية ، لان الشخصيات التي جسدت أحداثها هي كائنات تاريخية/اجتماعية ، حتى وان اوغلت في الرمزية و التجريد.
رد: قراءة جديدة لرواية ” اللص والكلاب”/ اعداد ذ*لعميري
أ-الأبعاد التاريخية
يرتبط ظهور رواية اللص والكلاب بسنة 1961، من خلال طبعتها الأولى ، كما دكر في الرواية عيد الثورة الذي صادف خروج سعيد من السجن( إعفاء من إكمال المدة). فمن خلال هذين المؤشرين الخارجي و الداخلي ، تتاطر الرواية بمرحلة تاريخية ارتبطت في التاريخ المصري المعاصر بالناصرية، و ثورة الضباط الأحرار سنة 1952، حيث اعتبرت هذه الحركة نفسها تصحيحا لفساد مرحلة الملك فاروق، واستدراكا لنكبة فلسطين 1948، خصوصا حادثة الفلوجة وصمود الجنود المصريين وضمنهم جمال عبد الناصر.
هذا التغيير السياسي حمل عدة شعارات وقام بعدة محاولات لتغيير واقع المجتمع المصري ، مثل تايم قناة السويس ، وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين، ومحاربة الإقطاع، وبناء السد العالي وتبني النظام الاشتراكي…هذا التحول خلق عند المواطن المصري عدة انتظارات، تقوم على الرغبة في التغييرالحقيقي الذي يمس كل الشرائح و يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة.
ومن ضمن أفراد المجتمع المصري الذين كانوا يطوقون الى هذه العدالة نجد البطل سعيد مهران ، الذي عانى أشكالا من الظلم ( الحرمان من الاستشفاء الذي تسبب في وفاة والدته- الحرمان من اتمام التعليم…).والذي سعى الى تحقيق عدالته الخاصة باعتناق الافكار الثورية لصديقه وأستاذه رؤوف علوان، ثم ممارسة نوع من الصعلكة( نسبة الى الشعراء الصعاليك)المنظمة اي سرقة الأغنياء و العطف على الفقراء من طبقته. لكن المرحلة الناصرية التي صادف وجودها خروجه من السجن ، لم تكن الحل السحري المنشود، بل وجد ضمنها انتهازيون محرفون من ضمنهم وربما على رأسهم رؤوف علوان، الذي انقلب من المناضل الثوري الى البورجوازي الانتهازي الساكن بالقصر رقم 18..
وهكذا تعتبر ” اللص و الكلاب” رواية انتقادية للمرحلة، حيث أظهرت إخفاق أحلام التغيير ، من خلال شخصية سعيد ، الذي كان يرغب في تحسين أوضاعه ، وتغيير شخصية اللص ، بشخصية المواطن الصالح، لكن جميع الظروف – كما رأينا – حالت دون ذلك، فاختار حلوله الفردية التي أودت به إلى الفشل والاستسلام للكلاب
*الأبعاد الاجتماعية
ترسم الرواية المواجهة بين طبقات كادحة وطبقات ارستقراطية غنية.فسعيد منحدر من طبقة فقيرة كادحة ، وأبوه كان حارسا لعمارة الطلبة، وعوضه هو بعد وفاته . ثم اصبح لصا محترفا،نسج علاقات متعددة مع فئات مهمشة مثل التجار في الممنوعات ، والمومس نور ، لكنه كان منفتحا على فئة رجال الدين و الثقفين أيضا. وهذا الصراع ابرز في الرواية من خلال مجموعة من القيم ، مثل هدر الكرامة ، والإيمان بالقضية الاجتماعية/ العدالة ، ثم ظهور الانتهازية و الوصولية، والتأرجح بين الصمود و التمرد أحيانا و الخنوع و الاستسلام أحيانا أخرى. كما تمت الإطلالة – من خلال الرواية- على الطرقية( التصوف) باعتبارها طقوسا وتقاليد للتنفيس الروحي..وممارسة الإعلام للتغليط وتشويه الحقائق.
هكذا تعتبر الرواية مختبرا لعدة وقائع اجتماعية، وفئات اجتماعية متناقضة،وقيم متنوعة.ومن أهم التيمات الاجتماعي / الأخلاقية في الرواية
**الدعارة من خلال شخصية نور ، نطل على واقع متردي ، تعيشه المراة في ظل المرحلة الجديدة. فهي كائن مستلب ، مذموم، و حتى سعيد صاحب الأفكار الثورية ينظر اليها نظرة دونية، ولا تربطه بها سوى المصلحة المؤقتة( اللجوء الى بيتها)، رغم وعده الغامض لها في المستقبل المجهول.
**الخيانة رغم ان نبوية ارتبطت بعليش شرعيا ( الزواج) فان سعيد ظل ينظر إليها نظرة قدحية باعتبارها خائنة. وكذلك نظرته الى عليش و رؤوف ، لان الخيانة قيمة اجتماعية مذمومة.
**الوساطة كاداة لتحقيق الاغراض،اذ استفادة سعيد من عدة وساطات للوصول الى اغراضه (السلاح-الاكل –الجرائد..). وحاول الاستفادة من وساطة الشيخ ووساطة رؤوف بدون جدوى.
** الصحافة هي وسيلة لتشكيل الرأي العام ، وتلقب بالسلطة الرابعة ، وقد لعبت دور المحرض و الفاضح لسعيد مهران ، ونشر سيرته اللصوصية، واعتباره مجرما خطيرا يقتل بلا وعي. وهنا تظهر الصحافة كأداة تزييف للحقائق، وتجدر الإشارة إلى أن أحداث هذه الرواية مأخوذة عن وقائع و حوادث واقعية شهدتها مصر نهاية الخمسينيات وتابعتها جرائد ذلك العصر، فالتقطها نجيب محفوظ و نسجها روائيا.
وهكذا نخلص الى تسجيل هيمنة الطابع الاجتماعي على ما هو تاريخي ، وذلك بحكم تركيز الكاتب على الوضعيات الاجتماعية التي تمثلها الشخصيات ، واكتفائه بالتلميح الى ما هو تاريخي ، ربما بسبب ممارسته لرقابة ذاتية عالية عرف بها في كل كتاباته.
المصدر
رواية اللص والكلاب –نجيب محفوظ – دار القلم ، بيروت/ لبنان- 220ص- بدون تاريخ.
المراجع
1- سلسلة المختار في تحليل المؤلفات، مقاربات منهجية للنص الروائي والنقدي- 2بك اداب وعلوم انسانية/ تاليف جماعي/ مكتبة المدارس- البيضاء/ ط 1/ 2006.
2-قراءة المؤلفات ، ظاهرة الحداثة في الشعر/ اللص والكلاب- ادريس الخضراوي/ سلسلة الحرف التكوينية رقم 6/ دار الحرف للنشر والتوزيعبالقنيطرة/ ط1- 2007/ 120ص.
3- بنية الشكل الروائي ( الفضاء- الزمن- الشخصية) – حسن بحراوي/ المركز الثقافي العربي/ البيضاء و بيروت /ط1/ 1990/ 336ص.
4- الدليل الى تحليل النص السردي – محمد بوعزة/ سلسلة الحرف التكوينية رقم 8/ دار الحرف للنشر والتوزيع بالقنيطرة/ ط1- 2007/ 104ص.
5- دلالات المكان في روايات اميل حبيبي / عبد الجليل لعميري –مجلة المدى/ ع 13- س 4/ 1996- ص ص 39/46.
6- مجلة العربي – عدد خاص عن نجيب محفوظ/ ع 577- ديسمبر 2006 .
اعداد عبد الجليل لعميري استاذ بثانوية القدس التاهيلية بالشماعية/2009 . .
يرتبط ظهور رواية اللص والكلاب بسنة 1961، من خلال طبعتها الأولى ، كما دكر في الرواية عيد الثورة الذي صادف خروج سعيد من السجن( إعفاء من إكمال المدة). فمن خلال هذين المؤشرين الخارجي و الداخلي ، تتاطر الرواية بمرحلة تاريخية ارتبطت في التاريخ المصري المعاصر بالناصرية، و ثورة الضباط الأحرار سنة 1952، حيث اعتبرت هذه الحركة نفسها تصحيحا لفساد مرحلة الملك فاروق، واستدراكا لنكبة فلسطين 1948، خصوصا حادثة الفلوجة وصمود الجنود المصريين وضمنهم جمال عبد الناصر.
هذا التغيير السياسي حمل عدة شعارات وقام بعدة محاولات لتغيير واقع المجتمع المصري ، مثل تايم قناة السويس ، وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين، ومحاربة الإقطاع، وبناء السد العالي وتبني النظام الاشتراكي…هذا التحول خلق عند المواطن المصري عدة انتظارات، تقوم على الرغبة في التغييرالحقيقي الذي يمس كل الشرائح و يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة.
ومن ضمن أفراد المجتمع المصري الذين كانوا يطوقون الى هذه العدالة نجد البطل سعيد مهران ، الذي عانى أشكالا من الظلم ( الحرمان من الاستشفاء الذي تسبب في وفاة والدته- الحرمان من اتمام التعليم…).والذي سعى الى تحقيق عدالته الخاصة باعتناق الافكار الثورية لصديقه وأستاذه رؤوف علوان، ثم ممارسة نوع من الصعلكة( نسبة الى الشعراء الصعاليك)المنظمة اي سرقة الأغنياء و العطف على الفقراء من طبقته. لكن المرحلة الناصرية التي صادف وجودها خروجه من السجن ، لم تكن الحل السحري المنشود، بل وجد ضمنها انتهازيون محرفون من ضمنهم وربما على رأسهم رؤوف علوان، الذي انقلب من المناضل الثوري الى البورجوازي الانتهازي الساكن بالقصر رقم 18..
وهكذا تعتبر ” اللص و الكلاب” رواية انتقادية للمرحلة، حيث أظهرت إخفاق أحلام التغيير ، من خلال شخصية سعيد ، الذي كان يرغب في تحسين أوضاعه ، وتغيير شخصية اللص ، بشخصية المواطن الصالح، لكن جميع الظروف – كما رأينا – حالت دون ذلك، فاختار حلوله الفردية التي أودت به إلى الفشل والاستسلام للكلاب
*الأبعاد الاجتماعية
ترسم الرواية المواجهة بين طبقات كادحة وطبقات ارستقراطية غنية.فسعيد منحدر من طبقة فقيرة كادحة ، وأبوه كان حارسا لعمارة الطلبة، وعوضه هو بعد وفاته . ثم اصبح لصا محترفا،نسج علاقات متعددة مع فئات مهمشة مثل التجار في الممنوعات ، والمومس نور ، لكنه كان منفتحا على فئة رجال الدين و الثقفين أيضا. وهذا الصراع ابرز في الرواية من خلال مجموعة من القيم ، مثل هدر الكرامة ، والإيمان بالقضية الاجتماعية/ العدالة ، ثم ظهور الانتهازية و الوصولية، والتأرجح بين الصمود و التمرد أحيانا و الخنوع و الاستسلام أحيانا أخرى. كما تمت الإطلالة – من خلال الرواية- على الطرقية( التصوف) باعتبارها طقوسا وتقاليد للتنفيس الروحي..وممارسة الإعلام للتغليط وتشويه الحقائق.
هكذا تعتبر الرواية مختبرا لعدة وقائع اجتماعية، وفئات اجتماعية متناقضة،وقيم متنوعة.ومن أهم التيمات الاجتماعي / الأخلاقية في الرواية
**الدعارة من خلال شخصية نور ، نطل على واقع متردي ، تعيشه المراة في ظل المرحلة الجديدة. فهي كائن مستلب ، مذموم، و حتى سعيد صاحب الأفكار الثورية ينظر اليها نظرة دونية، ولا تربطه بها سوى المصلحة المؤقتة( اللجوء الى بيتها)، رغم وعده الغامض لها في المستقبل المجهول.
**الخيانة رغم ان نبوية ارتبطت بعليش شرعيا ( الزواج) فان سعيد ظل ينظر إليها نظرة قدحية باعتبارها خائنة. وكذلك نظرته الى عليش و رؤوف ، لان الخيانة قيمة اجتماعية مذمومة.
**الوساطة كاداة لتحقيق الاغراض،اذ استفادة سعيد من عدة وساطات للوصول الى اغراضه (السلاح-الاكل –الجرائد..). وحاول الاستفادة من وساطة الشيخ ووساطة رؤوف بدون جدوى.
** الصحافة هي وسيلة لتشكيل الرأي العام ، وتلقب بالسلطة الرابعة ، وقد لعبت دور المحرض و الفاضح لسعيد مهران ، ونشر سيرته اللصوصية، واعتباره مجرما خطيرا يقتل بلا وعي. وهنا تظهر الصحافة كأداة تزييف للحقائق، وتجدر الإشارة إلى أن أحداث هذه الرواية مأخوذة عن وقائع و حوادث واقعية شهدتها مصر نهاية الخمسينيات وتابعتها جرائد ذلك العصر، فالتقطها نجيب محفوظ و نسجها روائيا.
وهكذا نخلص الى تسجيل هيمنة الطابع الاجتماعي على ما هو تاريخي ، وذلك بحكم تركيز الكاتب على الوضعيات الاجتماعية التي تمثلها الشخصيات ، واكتفائه بالتلميح الى ما هو تاريخي ، ربما بسبب ممارسته لرقابة ذاتية عالية عرف بها في كل كتاباته.
المصدر
رواية اللص والكلاب –نجيب محفوظ – دار القلم ، بيروت/ لبنان- 220ص- بدون تاريخ.
المراجع
1- سلسلة المختار في تحليل المؤلفات، مقاربات منهجية للنص الروائي والنقدي- 2بك اداب وعلوم انسانية/ تاليف جماعي/ مكتبة المدارس- البيضاء/ ط 1/ 2006.
2-قراءة المؤلفات ، ظاهرة الحداثة في الشعر/ اللص والكلاب- ادريس الخضراوي/ سلسلة الحرف التكوينية رقم 6/ دار الحرف للنشر والتوزيعبالقنيطرة/ ط1- 2007/ 120ص.
3- بنية الشكل الروائي ( الفضاء- الزمن- الشخصية) – حسن بحراوي/ المركز الثقافي العربي/ البيضاء و بيروت /ط1/ 1990/ 336ص.
4- الدليل الى تحليل النص السردي – محمد بوعزة/ سلسلة الحرف التكوينية رقم 8/ دار الحرف للنشر والتوزيع بالقنيطرة/ ط1- 2007/ 104ص.
5- دلالات المكان في روايات اميل حبيبي / عبد الجليل لعميري –مجلة المدى/ ع 13- س 4/ 1996- ص ص 39/46.
6- مجلة العربي – عدد خاص عن نجيب محفوظ/ ع 577- ديسمبر 2006 .
اعداد عبد الجليل لعميري استاذ بثانوية القدس التاهيلية بالشماعية/2009 . .
مواضيع مماثلة
» اللص و الكلاب ... قراءة توجيهية
» رواية اللص و الكلاب
» أفكار للاستفاذة من قراءة كتاب
» الغش في الامتحان … قراءة سوسيولوجية
» طبيعة المنهج النقدي لدى الباحث والناقد المغربي أحمد المجاطي من خلال كتابه" ظاهرة الشعر الحديث".
» رواية اللص و الكلاب
» أفكار للاستفاذة من قراءة كتاب
» الغش في الامتحان … قراءة سوسيولوجية
» طبيعة المنهج النقدي لدى الباحث والناقد المغربي أحمد المجاطي من خلال كتابه" ظاهرة الشعر الحديث".
ثانوية ابن خلدون التأهيلية ببوزنيقة :: الدروس :: 2AB :: الشعب الأدبية :: مادة اللغة العربية :: مادة دراسة المؤلفات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى